تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي  
{وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَسۡتَ مُرۡسَلٗاۚ قُلۡ كَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيدَۢا بَيۡنِي وَبَيۡنَكُمۡ وَمَنۡ عِندَهُۥ عِلۡمُ ٱلۡكِتَٰبِ} (43)

{ وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا } أي : يكذبونك ويكذبون ما أرسلت به ، { قُلْ } لهم -إن طلبوا على ذلك شهيدا : { كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ } وشهادته بقوله وفعله وإقراره ، أما قوله فبما أوحاه الله إلى أصدق خلقه مما يثبت به رسالته .

وأما فعله فلأن الله تعالى أيد رسوله ونصره نصرا خارجا عن قدرته وقدرة أصحابه وأتباعه وهذا شهادة منه له بالفعل والتأييد .

وأما إقراره ، فإنه أخبر الرسول عنه أنه رسوله ، وأنه أمر الناس باتباعه ، فمن اتبعه فله رضوان الله وكرامته ، ومن لم يتبعه فله النار والسخط وحل له ماله ودمه والله يقره على ذلك ، فلو تقول عليه بعض الأقاويل لعاجله بالعقوبة .

{ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ } وهذا شامل لكل علماء أهل الكتابين ، فإنهم يشهدون للرسول من آمن واتبع الحق ، صرح بتلك الشهادة التي عليه ، ومن كتم ذلك فإخبار الله عنه أن عنده شهادة أبلغ من خبره ، ولو لم يكن عنده شهادة لرد استشهاده بالبرهان ، فسكوته يدل على أن عنده شهادة مكتومة .

وإنما أمر الله باستشهاد أهل الكتاب لأنهم أهل هذا الشأن ، وكل أمر إنما يستشهد فيه أهله ومن هم أعلم به من غيرهم ، بخلاف من هو أجنبي عنه ، كالأميين من مشركي العرب وغيرهم ، فلا فائدة في استشهادهم لعدم خبرتهم ومعرفتهم والله أعلم .

تم تفسير سورة الرعد ، والحمد لله رب العالمين .