الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَسۡتَ مُرۡسَلٗاۚ قُلۡ كَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيدَۢا بَيۡنِي وَبَيۡنَكُمۡ وَمَنۡ عِندَهُۥ عِلۡمُ ٱلۡكِتَٰبِ} (43)

قوله : { ويقول الذين كفروا لست مرسلا } إلى قوله { علم الكتاب } {[36654]}[ 43 ] المعنى : ويقول الذين كفروا من قومك يا محمد ! لست مرسلا {[36655]} ، تكذيبا لك .

فقل لهم يا محمد { كفى بالله شهيدا }[ 43 ] أي : حسبي الله { شهيدا بيني وبينكم }[ 43 ] أي : علي وعليكم ، والذي { عنده علم {[36656]} الكتاب } {[36657]} .

أي {[36658]} : علم الكتب التي أنزلت قبل القرآن ، كالتوراة ، والإنجيل {[36659]} ، وهو عبد الله ابن سلام في قول مجاهد {[36660]} ، وكذلك روى عبد الله بن سلام أنه قال يوم قتل عثمان لما نهاهم عن قتله : قالوا : كذب اليهودي {[36661]} ، فقال : كذبتم وأثمتم ، إني لمسلم ، يعلم الله ذلك ، ورسوله ، والمؤمنون . وقد أنزل فيَّ {[36662]} : { كفى بالله شهيدا بيني وبينكم }[ 43 ] {[36663]} .

{ ومن عنده علم الكتاب }[ 43 ] وهذا يدل على ( أن ) {[36664]} هذه الآية مدنية ، لأن عبد الله بالمدينة أسلم {[36665]} .

وقال قتادة أيضا : { ومن عنده علم الكتاب }[ 43 ] : هم ناس من أهل الكتاب ، كانوا يشهدون بالحق ، ويقرون به ، ويعلمون أن محمدا رسول الله ، كنا نحدث أن {[36666]} منهم عبد الله بن سلام {[36667]} .

وروي عنه أنه قال : منهم عبد الله بن سلام ، وسلمان {[36668]} الفارسي ، وتميم {[36669]} الدار( ي ) {[36670]} {[36671]} .

وقال الحسن : { ومن عنده علم الكتاب }[ 43 ] هو الله {[36672]} .

يذهب إلى أن المعنى : كفى بالله ، والذي عنده علم الكتاب .

واختار {[36673]} النحاس هذا القول ، واستبعد أن يستشهد الله لأحد من خلقه {[36674]} . ودل على ذلك قول عكرمة ، وابن جبير ، وغيرهما : نزلت هذه الآية بمكة ، فلا سبيل إلى ذكر عبد الله بن سلام هنا {[36675]} ، لأنه بالمدينة أسلم . ويدل على ذلاك أيضا أنه قد قرأ { ومن عنده علم الكتاب } : فهذا هو الله جل ذكره ، لا يجوز غيره ، أي : ومن عند الله علم الكتاب . وهي قراءة مروية عن ابن عباس / ، وغيره {[36676]} .

ومن فتح ( ومن عنده ) كانت الهاء {[36677]} تعود على ( من ) .

و( من ) : هو الله ، أو على ابن سلام ، وشبهه على الاختلاف المذكور {[36678]} .


[36654]:ط: إلى آخر السورة.
[36655]:وهو معنى قول قتادة في: الجامع 9/219-220.
[36656]:ق: علم من .
[36657]:وهو تفسير الطبري في: جامع البيان 16/500.
[36658]:ط: مطموس.
[36659]:انظر: هذا التوجيه في: جامع البيان 16/501.
[36660]:انظر هذا القول في: جامع البيان 16/301، وعزاه أيضا في الجامع 9/220 إلى ابن جبير ولم ينسباه في معاني الفراء 2/67، ومعاني الزجاج 151-152.
[36661]:ط: اليهودي اليهودي وهو سهو من الناسخ.
[36662]:ط: فيى.
[36663]:انظر هذا القول في: جامع البيان 16/501، والجامع 9/220.
[36664]:ساقط من ق.
[36665]:انظر: هذا التوجيه ناسخ النحاس 1/212، وفي الجامع 9/220، أن ابن جبير ذهب إلى أنه لا يجوز أن تحمل هذه الآية على ابن سلام، بل على جبريل، وهو قول ابن عباس، وانظر: الهامش الثاني من الصفحة 3603.
[36666]:ط: صار.
[36667]:انظر هذا القول في: جامع البيان 16/503.
[36668]:ق: سليمان.
[36669]:هو أبو رقية، تميم بن أوس الداري، أسلم سنة 9 هجرية، كان راهب أهل عصره، وقد ورد له في الصحيحين ثمانية عشر حديثا (ت 40هـ) انظر: التهذيب 2/344، وصفة الصفوة 1/737، والاستيعاب 1/193.
[36670]:ساقط من ق.
[36671]:انظر هذا القول في: جامع البيان 16503، والمحرر 10/45، والجامع 9/220.
[36672]:انظر هذا القول في: جامع البيان 16/504، وعزاه أيضا في: الجامع 9/220 إلى: مجاهد، والضحاك.
[36673]:ط: وأخبار.
[36674]:ط: خلقه، وهو نفس اختيار الزجاج في معانيه 2/152.
[36675]:ساقط من ق.
[36676]:انظر هذا التوجيه في: جامع البيان 16/505-506. وهي قراءة مروية عن عبد الله بن سلام، والضحاك، وابن جبير، وانظر: جامع البيان 16/505-506، وعزاها أيضا في: شواذ القرآن 72 لاين السميفع، وزاد نسبتها في: المحرر 10/55 إلى علي والحسن. وفي: الجامع 9/220 أنها لإسماعيل بن محمد اليماني، وانظر: البحر المحيط 5/402.
[36677]:ق: الماء.
[36678]:ق: المذكورة.