بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَسۡتَ مُرۡسَلٗاۚ قُلۡ كَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيدَۢا بَيۡنِي وَبَيۡنَكُمۡ وَمَنۡ عِندَهُۥ عِلۡمُ ٱلۡكِتَٰبِ} (43)

قوله تعالى : { وَيَقُولُ الذين كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلاً } يعني : كعب بن الأشرف ، وحيي بن أخطب ، وسائر اليهود . ويقال : يعني : أهل مكة { قُلْ كفى بالله شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ } يقول : كفى الله شاهداً بيني وبينكم على مقالتكم { وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الكتاب } يعني : ومن آمن من أهل الكتاب مثل عبد الله بن سلام ، وأصحابه { شَهِيدًا بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ } لأنهم وجدوا نعته ، وصفته ، في كتبهم .

قرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، وعاصم ، { يَمْحُو الله مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ } بجزم الثاء والتخفيف . وقرأ الباقون : بنصب الثاء ، وتشديد الباء { وَيُثَبّتْ } ومعناهما واحد .

وقرأ ابن كثير ، ونافع ، وأبو عمرو ، { وَسَيَعْلَمْ *** الكافر } بلفظ الواحد ، وهو اسم جنس ، فيقع على الواحد ، وعلى الجماعة . وقرأ الباقون { الكفار } بلفظ الجماعة . وقال أبو عبيدة : رأيت في مصحف الإمام { وَسَيَعْلَمُ الكفار } بلفظ الجماعة . وروي عن عبد الله بن مسعود أنه كان يقرأ { وَمَنْ عِندَهُ } بالكسر . يعني : القرآن من عند الله تعالى . وروي عنه أيضاً : { وَسَيَعْلَمْ *** الكافرون } . وقرأ أبي بن كعب : { وَسَيَعْلَمْ الذين *** كَفَرُواْ } . وقال عبد الله بن مسعود : هذه السورة مكية ، وعبد الله بن سلام أسلم بعد ذلك بمدة ، فكيف يجوز أن يكون المراد به عبد الله بن سلام ، وروي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قرأ : بالكسر ، وقرأ بعضهم { وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الكتاب } بضم العين ، وكسر اللام ، على معنى فعل ما لم يسم فاعله . وروى عن ابن عباس أنه كان يقول : هذه السورة مدنية ، وكان يقرأ { وَمَنْ عِندَهُ } بالنصب .