محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَسۡتَ مُرۡسَلٗاۚ قُلۡ كَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيدَۢا بَيۡنِي وَبَيۡنَكُمۡ وَمَنۡ عِندَهُۥ عِلۡمُ ٱلۡكِتَٰبِ} (43)

[ 43 ] { ويقول الذين كفروا لست مرسلا قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب 43 } .

{ ويقول الذين كفروا لست مرسلا قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم } فإنه أظهر على رسالتي ، من الحجج القاطعة والبينات الساطعة . ما فيه مندوحة عن شهادة شاهد آخر . قيل : جعل هذا شهادة ( وهو فعل والشهادة قول ) على سبيل الاستعارة ، لأنه يغني عن الشهادة بل هو أقوى . انتهى . ولا يخفى أن الشهادة أعم من القول والفعل . على / أن المراد من تلك الحجج هي آيات القرآن والذكر الحكيم ، وهي كلامه تعالى ، وقد قال تعالى{[5118]} : { ويستنبئونك أحق هو ، قل إي وربي } .

وقوله تعالى : { ومن عنده علم الكتاب } أي ومن هو من علماء أهل الكتاب فإنهم يجدون صفة النبي صلى الله عليه وسلم ونعته في كتابهم من بشارات الأنبياء به . كما قال تعالى{[5119]} : { الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل } وقال تعالى{[5120]} : { أولم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل } .

ويروى عن مجاهد أنه عنى ب { من عنده علم الكتاب } عبد الله بن سلام . ونوقش بأن السورة مكية ، وإسلامه كان بالمدينة . وأجاب البعض بأن بعض السور المكية ربما وجد فيه مدني وبالعكس ، وكأن هذه الآية من ذلك .

وقد روى الحافظ أبو نعيم الأصفهاني في ( دلائل النبوة ) : أن عبد الله بن سلام أسلم قبل الهجرة ، حيث رحل إلى مكة قبلها ، واستيقن نبوته صلوات الله عليه ، ثم آب إلى المدينة وكتم إسلامه إلى أن كانت الهجرة . والله أعلم .

تم الجزء التاسع ، ويليه إن شاء الله الجزء العاشر وفيه تفسير :

( 14 سورة إبراهيم و 15 سورة الحجر و 16- سورة النحل و 17 سور الإسراء ) .


[5118]:[10 / يونس / 53].
[5119]:[7 / الأعراف / 157].
[5120]:[26 / الشعراء / 197].