تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي  
{وَلَا تَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمۡوَٰتَۢاۚ بَلۡ أَحۡيَآءٌ عِندَ رَبِّهِمۡ يُرۡزَقُونَ} (169)

{ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ }

هذه الآيات الكريمة{[172]}  فيها فضيلة{[173]}  الشهداء وكرامتهم ، وما منَّ الله عليهم به من فضله وإحسانه ، وفي ضمنها تسلية الأحياء عن قتلاهم وتعزيتهم ، وتنشيطهم للقتال في سبيل الله والتعرض للشهادة ، فقال : { ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله } أي : في جهاد أعداء الدين ، قاصدين بذلك إعلاء كلمة الله { أمواتا } أي : لا يخطر ببالك وحسبانك أنهم ماتوا وفقدوا ، وذهبت عنهم لذة الحياة الدنيا والتمتع بزهرتها ، الذي يحذر من فواته ، من جبن عن القتال ، وزهد في الشهادة . { بل } قد حصل لهم أعظم مما يتنافس فيه المتنافسون . فهم { أحياء عند ربهم } في دار كرامته .

ولفظ : { عند ربهم } يقتضي علو درجتهم ، وقربهم من ربهم ، { يرزقون } من أنواع النعيم الذي لا يعلم وصفه ، إلا من أنعم به عليهم ،


[172]:- في ب: الكريمات.
[173]:- في ب: فضل.