فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَلَا تَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمۡوَٰتَۢاۚ بَلۡ أَحۡيَآءٌ عِندَ رَبِّهِمۡ يُرۡزَقُونَ} (169)

لما بين سبحانه أن ما جرى على المؤمنين يوم أحد كان امتحانا ليتميز المؤمن من المنافق والكاذب من الصادق بين ههنا أن من لم ينهزم وقتل فله عند الله هذه الكرامة والنعمة وأن مثل هذا مما يتنافس فيه المتنافسون{[1214]} ؛ لا يظنن ظان أن الذين قتلوا مجاهدين في سبيل الله أمواتا بل هم أحياء ، وقد صح{[1215]} أن حياتهم محققة ؛ { عند ربهم يرزقون } [ فيه حذف مضاف تقديره عند كرامة ربهم و{ عند } هنا تقتضي غاية القرب . . . قال سيبويه فهذه عندية الكرامة لا عندية المسافة والقرب ]{[1216]} .


[1214]:من فتح التقدير.
[1215]:في مصنف أبي داود بإسناد صحيح عن ابن عباس قال: قال رسول الله عليه وسلم (لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم في جوف طير خضر ترد أنهار الجنة تأكل من ثمارها وتأوي إلى قناديل من ذهب معلقة في ظل العرش فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم ومقيمهم قالوا من يبلغ إخوانا عنا أحياء في الجنة نرزق لئلا يزهدوا في الجهاد ولا ينكلوا عند الحرب فقال الله سبحانه أنا أبلغهم عنكم) قال فأنزل الله: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا..} إلى آخر الآيات، وروى مسلم في صحيحه عن مسروق قال: سألنا عبد الله عن هذه الآية {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون} فقال: أما إنا قد سألنا عن تلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (أرواحهم في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش تسرح من الجنة حيث شاءت ثم تأوي إلى تلك القناديل فاطلع عليهم ربهم اطلاعه فقال هل تشتهون شيئا فقالوا أي شيء نشتهي ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا ففعل ذلك بهم ثلاث مرات فلما رأى أن ليس لهم حاجة تركوا) ومما روى البخاري عن جابر حين بكى لموت أبيه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم (مازالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفع).
[1216]:ما بين العلامتين [] من الجامع لأحكام القرآن.