تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{وَلَا تَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمۡوَٰتَۢاۚ بَلۡ أَحۡيَآءٌ عِندَ رَبِّهِمۡ يُرۡزَقُونَ} (169)

{ ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله } ، يعني قتلى بدر من قتل من المسلمين يومئذ ، وهم أربعة عشر رجلا ، ستة من المهاجرين : مهجع بن عبد الله مولى عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر : "سيد شهداء أمتي مهجع" ، وهو أول قتيل قتل يوم بدر ، رضي الله عنه ، وعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب بن عبد مناف القرشي ، وعمير بن أبي وقاص بن وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب ، وذو الشماليل عبد عمرو بن نضلة بن عمرو بن نضلة بن عبد عمرو القيساني ، وعقيل بن بكير ، وصفوان ابن بيضاء ، رضي الله عنهم ، وثمانية من الأنصار : حارثة بن سراقة ، ويزيد بن الحارث بن جشم ، ومعوذ بن الحارث ، وعوف بن الحارث بن رفاعة ابنا عفراء ، الاسم اسم أمهما عفراء ، ورافع بن المعلى ، وسعد بن حنتمة ، وعمرو بن الحمام بن الجموح ، ومبشر بن عبد المنذر .

فقال رجل : يا ليتنا نعلم ما لقي إخواننا الذين قتلوا ببدر ، فأنزل الله تعالى : { ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله } ، يعني قتلى بدر ، { أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون } الثمار في الجنة ، وذلك أن الله تعالى جعل أرواح الشهداء طيرا خضرا ترعى في الجنة ، لها قناديل معلقة بالعرش تأوى إلى قناديلها ، فاطلع الله عز وجل عليهم ، فقال سبحانه : هل تستزيدوني شيئا فأزيدكم ؟ قالوا : أولسنا نسرح في الجنة حيث نشاء ؟ ثم اطلع عليهم أخرى ، فقال سبحانه : هل تستزيدوني شيئا فأزيدكم ؟ ثم اطلع الثالثة ، فقال سبحانه : هل تستزيدوني شيئا فأزيدكم ؟ قالوا : ربنا ، نريد أن ترد أرواحنا في أجسادنا فنقاتل في سبيلك مرة أخرى لما نرى من كرامتك إيانا ، ثم قالوا فيما بينهم : ليت إخواننا الذين في دار الدنيا يعلمون ما نحن فيه من الكرامة والخير والرزق ، فإن شهدوا قتالا سارعوا بأنفسهم إلى الشهادة ، فسمع الله عز وجل كلامهم ، فأوحى إليهم : أني منزل على نبيكم ومخبر إخوانكم بما أنتم فيه ، فاستبشروا بذلك ، فأنزل الله عز وجل يحبب الشهادة إلى المؤمنين : { ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون } من الثمار .