التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{وَلَا تَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمۡوَٰتَۢاۚ بَلۡ أَحۡيَآءٌ عِندَ رَبِّهِمۡ يُرۡزَقُونَ} (169)

قوله تعالى{ ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل احياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم الا خوف عليهم ولا هم يحزنون يستبشرون بنعمة من الله وفضل وان الله لا يضيع اجر المؤمنين }

قال الشيخ الشنقيطي : نهى الله تبارك وتعالى في هذه الآية عن ظن الموت بالشهداء وصرح بأنهم احياء عند ربهم يرزقون ، وأنهم فرحون بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم الا خوف عليهم ولا هم يحزنون . ولم يبين هنا هل حياتهم البرزخ يدرك اهل الدنيا حقيقتها او لا ؟ ولكنه بين في سورة البقرة أنهم لا يدركونها بقوله{ ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون }لأن نفي الشعور يدل على نفي الإدراك من باب أولى كما هو ظاهر .

قال مسلم : حدثنا يحيى بن يحيى وابو بكر بن ابي شيبة . كلاهما عن ابي معاوية . ح وحدثنا إسحاق بن إبراهيم . أخبرنا جرير وعيسى بن يونس ، جميعا عن الأعمش . ح وحدثنا محمد بن عبد الله بن نمير( واللفظ له ) . حدثنا أسباط وابو معاوية . قالا : حدثنا الأعمش عن عبد الله بن مرة ، عن مسروق . قال : سألنا عبد الله( هو ابن مسعود )عن هذه الآية : { ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون }قال : أما إنا قد سألنا عن ذلك ، فقال : أرواحهم في جوف طير خضر ، لها قناديل معلقة بالعرش ، تسرح من الجنة حيث شاءت . ثم تأوي إلى تلك القناديل ، فاطلع إليهم ربهم اطلاعه ، فقال : هل تشتهون شيئا ؟ قالوا : أي شئ نشتهي ؟ ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا ، ففعل ذلك بهم ثلاث مرات . فلما رأوا انهم لن يتركوا من ان يسألوا ، قالوا : يا رب ! نريد ان ترد أرواحنا في أجسادنا حتى نقتل في سبيلك مرة أخرى ، فلما رأى ان ليس لهم حاجة تركوا .

( الصحيح3/1502-1503 ح1887-ك الإمارة ، ب بيان أرواح الشهداء في الجنة ) .

قال مسلم : وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا أبو خالد الحمر ، عن شعبة ، عن قتادة ، وحميد ، عن انس بن مالك ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما من نفس تموت لها عند الله خير يسرها انها ترجع إلى الدنيا . ولا ان لها الدنيا وما فيها . إلا الشهيد ، فإنه يتمنى ان يرجع فيقتل في الدنيا ، لما يرى من فضل الشهادة " .

( الصحيح3/1498 ح1877-ك الإمارة ، ب فضل الشهادة في سبيل الله ) .

قال أبو داود : حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، ثنا عبد الله بن إدريس ، عن محمد ابن إسحاق ، عن إسماعيل بن أمية ، عن ابي الزبير ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم في جوف طير خضر ترد انهار الجنة : تأكل من ثمارها ، وتأوي إلى قناديل من ذهب معلقة في ظل العرش ، فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم ومقيلهم قالوا : من يبلغ إخواننا عنا انا أحياء في الجنة نرزق لئلا يزهدوا في الجهاد ولا ينكلوا عند الحرب ؟ فقال الله سبحانه : أنا أبلغهم عنكم ، قال فأنزل الله{ ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله }إلى آخر الآية .

( السنن3/15 ح2520-ك الجهاد ، ب في فضل الشهادة ) ، وفي إسناده ابن إسحاق ولم يصرح بالسماع ولكنه لا يضر لأنه صرح في رواية احمد( المسند1/266 ) . وأخرجه احمد في( مسنده رقم 2389 )بإسناد أبي داود به ، وصححه احمد شاكر و أخرجه الحاكم في ( المستدرك2/297-298-ك التفسير ، تفسير سورة آل عمران )من طريق مسدد بن قطن عن عثمان بن أبي شيبة به ، وقال : صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ووافقه الذهبي ، وحسنه الألباني في ( صحيح سنن أبي داود ) .

قال الترمذي : حدثنا يحيى بن حبيب بن عربي ، حدثنا موسى بن إبراهيم بن كثير الأنصاري قال : سمعت طلحة بن خراش قال : سمعت جابر بن عبد الله يقول : لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال لي : " يا جابر مالي أراك منكسرا ؟ " . قلت : يا رسول الله استشهد أبي قتل يوم احد ، وترك عيالا ودينا ، قال : " أفلا أبشرك بما لقي الله به أباك ؟ " . قال : قلت : بلى يا رسول الله . قال : " ما كلم الله أحدا قط غلا من وراء حجاب ، وأحيا أباك فكلمه كفاحا . فقال : يا عبدي تمن علي أعطك . قال : يا رب تحييني فأقتل فيك ثانية . قال الرب عز وجل : إنه قد سبق مني{ أنهم إليها لا يرجعون }قال : وأنزلت هذه الآية : { ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا }الآية .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه( سنن الترمذي5/230-231 ح/3010-ك التفسير ، ب سورة آل عمران ) . وصححه الألباني في( صحيح سنن الترمذي ) . وأخرجه ابن ماجة في( سننه-ك الجهاد ، ب فضل الشهادة في سبيل الله ح 2800 )وابن حبان في صحيحه-الإحسان 15/490-491 ح7022 )والحاكم في ( المستدرك3/203-304-معرفة الصحابة ، ب ذكر مناقب اليمان بن جابر . . . )وصحح إسناده ووافقه الذهبي . وأخرجه أبو يعلى ، وصححه المحقق( المسند4/6 ح2002 ) .

وانظر حديث ابن عباس في مسند أحمد في تفسير سورة البقرة آية( 154 ) .

قال البخاري : حدثنا إسماعيل بن عبد الله قال : حدثني مالك عن إسحاق بن عبد الله بن ابي طلحة عن انس بن مالك رضي الله عنه قال : دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الذين قتلوا أصحاب بئر معونة ثلاثين غداة ، على رعل وذكوان وعصية عصت الله ورسوله . قال أنس : أنزل في الذين قتلوا ببئر معونة قرآن قرأناه ثم نسخ بعد : بلغوا قومنا ان قد لقينا ربنا فرضي عنا ورضينا عنه .

( الصحيح6/37-38 ح2814-ك الجهاد والسير ، ب فضل قول الله تعالى( الآية ) ) .