تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي  
{أَوَلَمۡ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا خَلَقَ ٱللَّهُ مِن شَيۡءٖ وَأَنۡ عَسَىٰٓ أَن يَكُونَ قَدِ ٱقۡتَرَبَ أَجَلُهُمۡۖ فَبِأَيِّ حَدِيثِۭ بَعۡدَهُۥ يُؤۡمِنُونَ} (185)

أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ فإنهم إذا نظروا إليها ، وجدوها أدلة دالة على توحيد ربها ، وعلى ما له من صفات الكمال .

و كذلك لينظروا إلى جميع مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ فإن جميع أجزاء العالم ، يدل أعظم دلالة على اللّه وقدرته وحكمته وسعة رحمته ، وإحسانه ، ونفوذ مشيئته ، وغير ذلك من صفاته العظيمة ، الدالة على تفرده بالخلق والتدبير ، الموجبة لأن يكون هو المعبود المحمود ، المسبح الموحد المحبوب .

وقوله : وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ أي : لينظروا في خصوص حالهم ، وينظروا لأنفسهم قبل أن يقترب أجلهم ، ويفجأهم الموت وهم في غفلة معرضون ، فلا يتمكنون حينئذ ، من استدراك الفارط .

فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ أي : إذا لم يؤمنوا بهذا الكتاب الجليل ، فبأي حديث يؤمنون به ؟ " أبكتب الكذب والضلال ؟ أم بحديث كل مفتر دجال ؟ ولكن الضال لا حيلة فيه ، ولا سبيل إلى هدايته . ولهذا قال تعالى مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلا هَادِيَ لَهُ