التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{أَوَلَمۡ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا خَلَقَ ٱللَّهُ مِن شَيۡءٖ وَأَنۡ عَسَىٰٓ أَن يَكُونَ قَدِ ٱقۡتَرَبَ أَجَلُهُمۡۖ فَبِأَيِّ حَدِيثِۭ بَعۡدَهُۥ يُؤۡمِنُونَ} (185)

قوله تعالى : { أو لم ينظروا في ملكوت السموات والأرض وما خلق الله من شيء وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم فبأي حديث بعده يؤمنون 185 من يضلل الله فلا هادي له ويذرهم في طغيانهم يعمهون } أو لم ينظر هؤلاء المكذبون الجاحدون نظر استدلال وتدبر فيما يدل عليه هذا الملكوت وهو الملك العظيم الذي صنعه الله ، وكذلك فيما خلق الله مما يقع عليه اسم الشيء من أجناس لا يحصرها العدد ، ولا يحيط بها الوصف ، ولعلهم يموتون قريبا ؟ أو لم ينظروا في ذلك كله فيسارعوا إلى الإيمان وليبادروا للتصديق تنجيه لأنفسهم من الويل المنتظر ؟ !

قوله : { فبأي حديث بعده يؤمنون } أي بأي حديث أحق وأصدق من هذا القرآن يريدون أن يؤمنوا ؟ ! هل من حديث أكرم وأطيب وأعظم وأطهر من كتاب الله الحكيم فيؤمنوا به ويصدقوه ؟ ! إنه ليس في الكلام أيما كلام البتة خير وأصدق وأروع من القرآن . هذا الكلام الكريم المعجز الذي لا يضاهيه كلام ولا يدانيه خطاب ، لا في روعة الجرس ، ولا في جمال الأسلوب والصورة ، ولا في حلاوة الإيقاع والنغم ، ولا في رصانة الكلمات والعبارات ، ولا في كمال المضامين والمعاني . فإذا لم يؤمن هؤلاء الجاحدون العصاة بهذا الكلام الرباني الفذ ، فبأي كلام بعد ذلك يؤمنون ؟ ! .