ولما كان النظر في أمر النبوة مفرعاً على دلائل التوحيد قال { أو لم ينظروا في ملكوت السموات والأرض } أي في مدلولاتهما . والملكوت الملك العظيم ، وفي إنكار عدم النظر دلالة على وجوب الاستدلال فيما للعقل إليه سبيل وقد مر في هذا الكتاب كيفية دلالة السموات والأرض على وجود الصانع ولاسيما في سورة البقرة عند قوله
{ إن في خلق السموات والأرض } [ البقرة : 164 ] ثم قال { وما خلق الله من شيء } أي مما يقع عليه اسم الشيء من أجناس غير محصورة . والغرض التنبيه على أن الدلالة على التوحيد ليست مقصورة على السموات والأرض ، بل كل ذرة من ذارت هذا العالم . فيها برهان باهر ودليل ظاهر على الوحدانية لأنها مختصة بحيز معين من الأحياز غير المتناهية ، وبقدر معين من الأقدار ، وبوضع معين من الأوضاع وكذا الكلام في لونها وشكلها وطبعها وطعمها وسائر صفاتها ، وكل واحد من هذه الاختصاصات لا بد له من مخصص ولا بد من الانتهاء إلى واجب واحد في ذاته وفي جميع اعتباراته { وأن عسى } هي مخففة من الثقيلة والأصل «وأنه عسى » على أن الضمير للشأن وفي أن يكون ضمير الشأن أيضاً والمعنى : أو لم ينظروا في أن الشأن والحديث عسى { أن يكون } الشأن { قد اقترب أجلهم } الموت أو القيامة . وإذا كان أحد هذين الاحتمالين قائماً وجب على العاقل المسارعة إلى هذا الفكر والنظر سعياً في تخليص النفس من هذا الخوف الشديد والخطر العظيم . أما قوله { فبأي حديث بعده يؤمنون } فمتعلق بقوله { عسى أن يكون } كأنه قيل : لعل أجلهم قد أقترب فما لهم لا يبادرون الإيمان بالقرآن قبل الفوت ، وماذا ينتظرون بعد وضوح الحق وبأي حديث أحق منه يريدون أن يؤمنوا . ودلالة في إطلاق لفظ الحديث على القرآن على أنه ليس بقديم لأن المراد بالحديث ما يرادف الكلام ، ولو سلم فإنه محمول على الألفاظ والكلمات ولا نزاع في حدوثها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.