قوله تعالى : { وَأَنْ عَسَى } : " أنْ " فيها وجهان أحدهما : وهو الصحيح أنها المخففةُ من الثقيلة ، واسمُها ضمير الأمر والشأن . و " عسى " وما في حيِّزها في محل الرفع خبراً لها ، ولم يُفْصل هنا بين أنْ والخبر وإن كان فعلاً ؛ لأن الفعل الجامد الذي لا يتصرَّف يشبه الأسماء ، ومثله
{ وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى } [ النجم : 39 ] { وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَآ } [ النور : 9 ] في قراءة نافع لأنه دعاء . وقد وقع خبرُ " أَنْ " جملةً طلبية في هاتين الآيتين الأخيرتين فإنَّ " عسى " للإِنشاء ، و " غضب الله " دعاء .
والثاني : أنها المصدرية ، قاله أبو البقاء يعني التي تنصب المضارع الثنائية الوضع ، وهذا ليس بجيد ؛ لأن النحاةَ نَصُّوا على أنَّ " أَنْ " المصدرية لا تُوصل إلا بالفعل المتصرِف مطلقاً أي ماضٍ ومضارع وأمر و " عسى " لا يتصرف فكيف يقع صلة لها ؟ و " أنْ " على كلا الوجهين في محل جرٍّ نَسَقاً على " ملكوت " ، أي : وألم ينظروا في أن الأمر والشأن عسى أن يكون . و " أن يكون " فاعل عسى ، وهي حينئذٍ تامَّةٌ لأنها متى رفعت أَنْ وما في حيزها كانت تامةً ، ومثلها في ذلك أوشك واخلولق . وفي اسم " يكون " قولان ، أحدُهما : هو ضمير الشأن ، ويكون " قد اقترب أجلهم " خبراً لها . والثاني : أنه " أجلُهم " و " قد اقترب " جملةٌ من فعلٍ وفاعلٍ هو ضمير " أجلهم " ولكن قَدَّم الخبر وهو جملة فعلية على اسمها ، وقد تقدَّم ذلك والخلاف فيه : وهو أن ابن مالك يجيزه ، وابن عصفور يمنعه ، عند قوله : { مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ } [ الأعراف : 137 ] .
قوله : { فَبِأَيِّ } متعلِّقٌ ب " يُؤْمنون " وهي جملةٌ استفهامية سِيقَتْ للتعجب ، أي : إذا لم يؤمنوا بهذا الحديث فكيف يُؤْمنون بغيره ؟ والهاء في " بعده " تحتمل العَوْدَ على القرآن وأن تعودَ على الرسول ، ويكون الكلامُ على حَذْف مضافٍ ، أي : بعد خبره وقصته ، وأن تعود على " أجلهم " ، أي : إنهم إذا ماتوا وانقضى أجلُهم فكيف يؤمنون بعد انقضاء أجلهم ؟ قال الزمخشري : " فإن قلت : بم تُعَلِّق قوله : " فبأي حديث بعده يؤمنون " ؟ قلت : بقوله " عسى أن يكونَ قد اقترب أجلهم " . كأنه قيل : لعل أجلَهم قد اقترب فما لهم لا يبادرون [ إلى ] الإِيمان بالقرآن قبل الموت ، وماذا ينتظرون بعد وضوح الحق ، وبأي حديثٍ أحقَّ منه يريدون أن يؤمنوا " ؟ يعني التعلُّق المعنويَّ المرتبطَ بما قبله لا الصناعي وهو واضح .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.