الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{أَوَلَمۡ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا خَلَقَ ٱللَّهُ مِن شَيۡءٖ وَأَنۡ عَسَىٰٓ أَن يَكُونَ قَدِ ٱقۡتَرَبَ أَجَلُهُمۡۖ فَبِأَيِّ حَدِيثِۭ بَعۡدَهُۥ يُؤۡمِنُونَ} (185)

{ أَوَلَمْ يَنظُرُواْ } نظر استدلال { فِى مَلَكُوتِ السماوات والأرض } فيما تدلاّن عليه من عظم الملك . والملكوت : الملك العظيم { وَمَا خَلَقَ الله مِن شَىْء } وفيما خلق الله مما يقع عليه اسم الشيء ومن أجناس لا يحصرها العدد ولا يحيط بها الوصف { وَأَنْ عسى } أن مخففة من الثقيلة ، والأصل : أنه عسى ، على أن الضمير ضمير الشأن . والمعنى : أو لم ينظروا في أنّ الشأن والحديث عسى { أَن يَكُونَ قَدِ اقترب أَجَلُهُمْ } ولعلهم يموتون عما قريب ، فيسارعوا إلى النظر وطلب الحق وما ينجيهم . قبل مغافصة الأجل وحلول العقاب ويجوز أن يراد باقتراب الأجل : اقتراب الساعة ، ويكون من «كان » التي فيها ضمير الشأن .

فإن قلت : بم يتعلق قوله : { فَبِأَيّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ } ؟ قلت : بقوله : { عسى أَن يَكُونَ قَدِ اقترب أَجَلُهُمْ } كأنه قيل : لعلّ أجلهم قد اقترب ، فما لهم لا يبادرون إلى الإيمان بالقرآن قبل الفوت ، وماذا ينتظرون بعد وضوح الحقِّ ، وبأيّ حديث أحقّ منه يريدون أن يؤمنوا .