بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{فَلَمَّآ أَنجَىٰهُمۡ إِذَا هُمۡ يَبۡغُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّۗ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّمَا بَغۡيُكُمۡ عَلَىٰٓ أَنفُسِكُمۖ مَّتَٰعَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ ثُمَّ إِلَيۡنَا مَرۡجِعُكُمۡ فَنُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (23)

{ فَلَمَّا أَنجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ } ، يعني : يعصون { فِى الأرض بِغَيْرِ الحق } ، يعني : الدعاء إلى غير عبادة الله تعالى والعمل بالمعاصي والفساد .

قوله تعالى : { الحق يا أيها الناس إِنَّمَا بَغْيُكُمْ على أَنفُسِكُمْ } ، يعني : إثم معصيتكم عليكم . وهذا كقوله : { مَّنْ عَمِلَ صالحا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَآءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بظلام لِّلْعَبِيدِ } [ فصلت : 46 ] ويقال : مظالمكم فيما بينكم ، يعني : على أنفسكم أي جنايتكم عليكم ، وهذا كما يقال في المثل : المحسن سيجزى بإحسانه والمسيء يكفيه مساويه . يعني : وباله يرجع إليه . ثم قال : { مَّتَاعَ الحياة الدنيا } ، يعني : تمتعون فيها أيام حياتكم . { ثُمَّ إِلَينَا مَرْجِعُكُمْ } . ويقال : عبثكم في الدنيا قليل ، ويقال : عمر الدنيا في حياة الآخرة قليل { ثُمَّ إِلَينَا مَرْجِعُكُمْ } أي بعد الموت في الآخرة ، { فَنُنَبّئُكُمْ } ؛ يعني : نخبركم { بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } . قرأ عاصم في رواية حفص { متاع } بالنصب ويكون نصباً على المصدر ، ومعناه تمتعون متاع الحياة الدنيا ، وقرأ الباقون { متاع } بالضم ومعناه هو متاع الحياة .