بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَٱمۡرَأَتُهُۥ قَآئِمَةٞ فَضَحِكَتۡ فَبَشَّرۡنَٰهَا بِإِسۡحَٰقَ وَمِن وَرَآءِ إِسۡحَٰقَ يَعۡقُوبَ} (71)

قوله تعالى { وامرأته قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ } وفي الآية تقديم ، يعني : بشرناها بإسحاق ، فضحكت سروراً . ويقال : ضحكت تعجباً من خوف إبراهيم ، ورعدته في حشمه ، وخدمه ، ولم يخف ، ولم يرتعد من نمرود الجبار حين قذفه في النار ، وهذا قول القتبي . وقال عكرمة : ضحكت ، يعني : حاضت . يقال : ضحكت الأرنب ، إذا حاضت . وغيره من المفسرين يجعلها الضحك بعينه ، وكذلك هو في التوراة . قرأت فيها أنها حين بشرت بالغلام ، ضحكت في نفسها ، وقالت : من بعد ما بليت ، أعود شابة ؟ وقال قتادة : ضحكت من أمر القوم ، وغفلتهم ، وجبريل جاءهم بالعذاب ، يعني : قوم لوط { فبشرناها بإسحاق وَمِن وَرَاء إسحاق يَعْقُوبَ } قال الشعبي : الوراء ، ولد الولد . وروى حبيب بن أبي ثابت ، أن رجلاً دخل على ابن عباس ، ومعه ابن ابنه ، فقال له : من هذا ؟ فقال ابن ابني . فقال : ابنك من وراء فوجد الرجل في نفسه ، فقرأ ابن عباس : { وَمِن وَرَاء إسحاق يَعْقُوبَ } وقال مقاتل : يعني : ومن بعد إسحاق يعقوب . وقال أبو عبيدة : الوراء ولد الولد .

وقرأ ابن عامر ، وحمزة ، وعاصم في رواية حفص ، { يعقوب } بنصب الباء ، وقرأ الباقون بالضم . فمن قرأ بالضم ، فهو على معنى الابتداء ، يعني : ويكون من وراء إسحاق ، يَعْقُوبُ . ومن قرأ بالنصب ، فهو عطف على الباء في قوله : { بإسحاق } فيكون في موضع الخفض ، إلا أنه لا ينصرف .