بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{أَلَمۡ تَرَ كَيۡفَ ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا كَلِمَةٗ طَيِّبَةٗ كَشَجَرَةٖ طَيِّبَةٍ أَصۡلُهَا ثَابِتٞ وَفَرۡعُهَا فِي ٱلسَّمَآءِ} (24)

قوله تعالى : { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ الله مَثَلاً } يقول كيف بيّن الله شبهاً { كَلِمَةً طَيّبَةً } وهي كلمة الإخلاص لا إله إلا الله ، لا تكون في كلمة التوحيد زيادة ، ولا نقصان ، ولكن يكون لها مدد ، وهو التوفيق بالطاعات في الأوقات { كَشَجَرةٍ طَيّبَةٍ } وهي النخلة . كما أنه ليس في الثمار شيء أحلى وأطيب من الرطب ، فكذلك ليس في الكلام شيء أطيب من كلمة الإخلاص .

ثم وصف النخلة فقال : { أَصْلُهَا ثَابِتٌ } يعني : في الأرض { وَفَرْعُهَا فِى السماء } يعني : رأسها في الهواء فكذلك الإخلاص يثبت في قلب المؤمن ، كما تثبت النخلة في الأرض . فإذا تكلم المؤمن بالإخلاص ، فإنها تصعد في السماء ، كما أن النخلة رأسها في السماء ، وكما أن النخلة لها فضل على سائر الشجر ، في الطول ، واللون ، والطيب والحسن ، فكذلك كلمة الإخلاص لها فضل على سائر الكلام ، فهذا مثل ضربه الله تعالى للمؤمن يقول : المعرفة في قلب المؤمن العارف ، ثابتة كالشجرة الثابتة في الأرض ، بل هي أثبت ، لأن الشجرة تقطع . ومعرفة العارف لا يقدر أحد أن يخرجها من قلبه ، إلا المعرف الذي عرفه . ويقال : { وَفَرْعُهَا فِى السماء } يعني : ترفع أعمال المؤمن المصدق إلى السماء ، لأن الأعمال لا تقبل بغير إيمان ، لأن الإيمان أصل ، والأعمال فروعه ، فترفع الأعمال ، ويقبل منه .