بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{يُثَبِّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱلۡقَوۡلِ ٱلثَّابِتِ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِۖ وَيُضِلُّ ٱللَّهُ ٱلظَّـٰلِمِينَۚ وَيَفۡعَلُ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ} (27)

ثم قال تعالى : { يُثَبّتُ الله الذين ءامَنُواْ بالقول الثابت } بلا إله إلا الله { في الحياة الدنيا } يعني : يثّبتهم على ذلك القول عند النزع { وَفِي الآخرة } يعني : في القبر . وقال البراء بن عازب : نزلت الآية في عذاب القبر . يسأل من ربك ، ومن نبيك ، وما دينك ؟ يعني : إذا أجاب فقد ثبّته الله تعالى . وقال الضحاك : إذا وضع المؤمن في قبره ، وانصرف عنه الناس ، دخل عليه ملكان ، فيجلسانه ، ويسألانه : من ربك ، ومن نبيك ، وما دينك ، وما كتابك ، وما قبلتك ؟ فيثبّته الله في القبر ، كما يثبته في الحياة الدنيا بالإقرار بالله تعالى ، وكتبه ، ورسله . وروى ابن طاوس عن أبيه أنه قال : { في الحياة الدنيا } يعني : قول لا إله إلا الله ، يثّبتهم عليها في الدنيا ، وفي الآخرة عند المسألة في القبر . وهكذا قال قتادة ، وقال الربيع بن أنس { في الحياة الدنيا } يعني : في القبر { وَفِي الآخرة } يعني : يوم الحساب . ويقال : { فِي الحياة الدنيا وَفِي الآخرة } يعني : يموت على الإيمان ، ويبعث يوم القيامة مع الإيمان .

ثم قال : { وَيُضِلُّ الله الظالمين } يعني : عن الحجة . فلا يقولونها في القبر . وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : « إذا دخل الكافر ، والمنافق قبره . قالا له : من ربك ، وما دينك ، ومن نبيك ؟ فيقول : لا أدري . فيقولان له : لا دريت ويضربانه بمرزبة ، فيصيح صيحة يسمعها ما بين الخافقين ، إلا الجن والإنس » . وهو قوله تعالى : { وَيُضِلُّ الله الظالمين } { وَيَفْعَلُ الله مَا يَشَاء } يعني : ما شاء للمؤمنين أن يثبتهم ، وللكافرين أن يضلهم عن الجواب .