بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{كَلَّاۚ سَنَكۡتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُۥ مِنَ ٱلۡعَذَابِ مَدّٗا} (79)

قال الله عز وجل رداً على الكافرين { أَطَّلَعَ الغيب } يقول : أنظر في اللوح المحفوظ { أَمِ اتخذ عِندَ الرحمن عَهْداً } يعني : أعقد عند الله عقد التوحيد وهو قول لا إله إلاّ الله ، ويقال : أعهد إليه أن يجعل له في الجنة { كَلاَّ } وهو رد عليه لا يعطى له ذلك ، واعلم أنه ليس في النصف الأول كلا ، وأما النصف الثاني ففيه نيف وثلاثون موضعاً ، ففي بعض المواضع في معنى الرد للكلام الأول ، وفي بعض المواضع للتنبيه في معنى الافتتاح ، وفي بعض المواضع يحتمل كلا الوجهين . فأول ذلك { أَطَّلَعَ الغيب أَمِ اتخذ عِندَ الرحمن عَهْداً *** كَلاَّ } تم الكلام عنده أي : كلا لم يطلع الغيب ولم يتخذ عهداً ثم ابتدأ { سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ } من ذلك قوله { فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ * قَالَ كَلاَّ } لا يقتلونك . وأما الذي هو للتنبيه في معنى الافتتاح قوله عز وجل { حتى زُرْتُمُ المقابر * كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ } [ التكاثر : 2/3 ] وقوله عز وجل { سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ } من الكذب ، يعني : سنحفظ ما يقول { وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ العذاب } يعني : نزيد له من العذاب { مَدّاً } يعني : بعضه على إثر بعضٍ