البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{كَلَّاۚ سَنَكۡتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُۥ مِنَ ٱلۡعَذَابِ مَدّٗا} (79)

كلا : حرف ردع وزجر عند الخليل وسيبويه والأخفش والمبرد وعامة البصريين ، وذهب الكسائي ونصر بن يوسف وابن واصل وابن الأنباري إلى أنها بمعنى حقاً ، وذهب النضر بن شميل إلى أنها حرف تصديق بمعنى نعم ، وقد تستعمل مع القسم .

وذهب عبد الله بن محمد الباهلي إلى أن كلا رد لما قبلها فيجوز الوقف عليها وما بعدها استئناف ، وتكون أيضاً صلة للكلام بمنزلة إي والكلام على هذه المذاهب مذكور في النحو .

و { كلا } ردع وتنبيه على الخطأ الذي هو مخطئ فيما تصوره لنفسه ويتمناه فليرتدع عنه .

وقرأ أبو نهيك { كلا } بالتنوين فيهما هنا وهو مصدر من كلّ السيف كلاً إذا نبا عن الضريبة ، وانتصابه على إضمار فعل من لفظه وتقديره كلوا كلاً عن عبادة الله أو عن الحق .

ونحو ذلك ، وكنى بالكتابة عن ما يترتب عليها من الجزاء .

فلذلك دلت السين التي للاستقبال أي سنجازيه على ما يقول .

وقال الزمخشري : فيه وجهان .

أحدهما : سيظهر له ونعلمه أنّا كتبنا قوله على طريقة قوله :

إذا ما انتسبنا لم تلدني لئيمةٌ . . .

أي تبين وعلم بالانتساب أني لست ابن لئيمة .

والثاني : أن المتوعد يقول للجاني سوف أنتقم منك يعني أنه لا يبخل بالانتصار وإن تطاول به الزمان ، واستأخر فجردها هنا لمعنى الوعيد انتهى .

وقرأ الجمهور { سنكتب } بالنون والأعمش بياء مضمومة والتاء مفتوحة مبنياً للمفعول ، وذكرت عن عاصم { ونمد } أي نطول له { من العذاب } الذي يعذب به المستهزئون أو نزيده من العذاب ونضاعف له المدد .

وقرأ عليّ بن أبي طالب { ونمد له } يقال مده وأمده بمعنى