بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{فَتَعَٰلَى ٱللَّهُ ٱلۡمَلِكُ ٱلۡحَقُّۗ وَلَا تَعۡجَلۡ بِٱلۡقُرۡءَانِ مِن قَبۡلِ أَن يُقۡضَىٰٓ إِلَيۡكَ وَحۡيُهُۥۖ وَقُل رَّبِّ زِدۡنِي عِلۡمٗا} (114)

ثم قال عز وجل : { فتعالى الله الملك الحق } ، يعني : ارتفع وتعظم عن الشريك والولد { الملك الحق } أهل الربوبية ؛ ويقال : { فتعالى الله الملك الحق } ، يعني : ارتفع وتعظم من أن يزيد في سيئات أحد وينقص من حسنات أحد { الملك الحق } الذي يعدل بين الخلق ثم قال : { وَلاَ تَعْجَلْ بالقرءان مِن قَبْلِ إَن يقضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ } ، وذلك أن جبريل عليه السلام كان إذا قرأ القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كان يتعجل النبي صلى الله عليه وسلم بقراءته قبل أن يختم جبريل تلاوته مخافة أن لا يحفظ ، فنزل : { وَلاَ تَعْجَلْ بالقرءان مِن قَبْلِ } أن يفرغ جبريل عليه السلام من قراءته ، فيكون في الآية تعليم حفظ الأدب ، وهو الاستماع إلى من يتعلم منه ؛ وهذا مثل قوله : { لاَ تُحَرّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ } روى جرير بن حازم عن الحسن أن رجلاً لطم امرأته فجاءت تلتمس القصاص ، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم بينهما القصاص قبل أن ينزل القرآن ، فنزل { وَلاَ تَعْجَلْ بالقرءان } الآية ، أي لا تعجل بالقصاص من قبل أن يقضى عليك بالقرآن ، ونزل قوله عز وجل : { الرجال قَوَّامُونَ عَلَى النساء بما فضل الله } قال : وكان الحسن يقرأ { مِن قَبْلُ إِنَّ *** يَقْضِى *** إِلَيْكَ وَحْيُهُ } بالنصب ، يعني : من قبل أن ينزل إليك جبريل بالوحي ؛ وقراءة العامة { يقضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ } بالرفع على فعل ما لم يسم فاعله ، ومعنى القراءتين واحد .

ثم قال : { وَقُل رَّبّ زِدْنِى عِلْماً } ، يعني : زدني علماً بالقرآن ، معناه زدني فهماً في معناه .