قوله تعالى : { فتعالى الله الملك الحق } لما عظم{[27007]} أمر{[27008]} القرآن أردفه بأن{[27009]} عظم نفسه وذلك تنبيه على أنَّه يجب على خلقه تعظيمه ، وإنما وصف مُلكَه بالحَقِّ ، لأن ملكه لا يزول ولا يتغير ، وليس بمستفاد من قبل الغير ولا غيره أولى به ، ولهذا{[27010]} وصف بذلك . و " تَعَالَى " تفاعل{[27011]} من العُلُوّ ، وقد ثبت أن علوه وعظمته{[27012]} لا تكيّفه الأوهام{[27013]} ولا تقدره العقول{[27014]} .
ثم قال : { وَلاَ تَعْجَلْ بالقرآن مِن قَبْلِ إَن يقضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ } .
قال أبو مسلم : إن من قوله : { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الجبال }{[27015]} إلى هنا يتم الكلام وينقطع ، ثم قوله : { وَلاَ تَعْجَلْ بالقرآن } ( خطاب مستأنف كأنه قال : { وَيَسْأَلُونَكَ *** وَلاَ تَعْجَلْ بالقرآن{[27016]} }{[27017]} .
وقال غيره : إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أنزل عليه جبريل -عليه السلام{[27018]}- بالقرآن يبادر فيقرأ معه قبل أن يفرغ جبريل من التلاوة مخافة الانفلات والنسيان فنهاه الله عن ذلك ، وأمره أن يسكت حال قراءة المَلَك ، يقرأ بعد فراغه من ( القراءة{[27019]} ){[27020]} . فكأنه تعالى ما شرح نفع القرآن للمكلفين ، وتبين أنه سبحانه متعال عن كل ما لا ينبغي ، ومن كان كذلك يجب أن يصون رسوله عن السهو والنسيان ( في أمر الوحي ، فإذا حصل الأمان عن السهو والنسيان ){[27021]} فلا تعجل بالقرآن{[27022]} فقوله : { وَلاَ تَعْجَلْ بالقرآن } يحتمل أن يكون المراد لا تعجل بقراءته في نفسك . لما روى عطاء عن ابن عباس : أن يكون أخذُك القرآن على تثبيت وسكون{[27023]} . ويحتمل لا تعجل في تأديته إلى غيرك ، قال مجاهد{[27024]} وقتادة : لا تقرأ به أصحابك ولا تُمْله عليهم حتى يتبين لك معانيه{[27025]} . ويحتمل في اعتقاد ظاهره{[27026]} ويحتمل في تعريفه{[27027]} الغير ما يقتضيه ظاهره أي : حتى يتبين لك بالوحي تمامه أبو بيانه أو هما{[27028]} جميعاً ، لأنه يجب التوقف في معنى الكلام إلى أن يفرغ لجواز أن يحصل عقبيه استثناء أو شرط ، أو غيرهما من المخصصات{[27029]} .
فإن قيل : الاستعجال لذي نُهِي عنه إن كان فعلُه فكيف نهي عنه ؟
فالجواب لعله فعل باجتهاد ، وكان الأولى تركه فلهذا نهِي عنه{[27030]} .
قوله : { قَبْلِ إَن يقضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ } العامة على بناء " يُقْضَى " للمفعول ورفع " وَحْيُه " لقيامه مقام الفاعل{[27031]} .
والجحدري وأبو حيوة والحسن ، وهي قراءة عبد الله " تَقْضِي " بنون العظمة مبنيًّا للفاعل ، " وَحْيَه " مفعول به{[27032]} .
وقرا الأعمش كذلك إلاَّ أنَّه سكن ( لام الفعل{[27033]} ){[27034]} ، استثقل الحركة وإن كانت خفيفة على حرف العلة ، وقد{[27035]} تقدم شواهد عند قراءة { مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهالِيكُمْ }{[27036]} .
قوله : { وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً } أي : بالقرآن ومعانيه ، وقيل : " عِلماً " أي{[27037]} ما علمت . وكان ابن مسعود إذا قرأ هذه قال{[27038]} : اللهم زدْنِي إيماناً ويقيناً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.