بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَجَعَلۡنَا بَيۡنَهُمۡ وَبَيۡنَ ٱلۡقُرَى ٱلَّتِي بَٰرَكۡنَا فِيهَا قُرٗى ظَٰهِرَةٗ وَقَدَّرۡنَا فِيهَا ٱلسَّيۡرَۖ سِيرُواْ فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا ءَامِنِينَ} (18)

ثم قال عز وجل : { وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ القرى التي بَارَكْنَا فِيهَا } قال في رواية الكلبي : إنهم قالوا للرسل : إنا قد عرفنا نعمة الله علينا ، فوالله لئن يرد الله فيئتنا وجماعتنا ، والذي كنا عليه ، لنعبدنه عبادة لم يعبدها إياه قوم قط . فدعت لهم الرسل ربهم فرد الله لهم ما كانوا عليه . وأتاهم نعمة وجعل لهم من أرضهم إلى أرض الشام قرى متصلة بعضها إلى بعض ، فذلك قوله : { وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ القرى التي بَارَكْنَا فِيهَا } { قُرًى ظاهرة } ثم عادوا إلى الكفر فأتاهم الرسل فذكروهم نعمة الله فكذبوهم فمزقهم الله كل ممزق . وقال غيره : { وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ القرى التي بَارَكْنَا فِيهَا } هذا حكاية عما كانوا فيه من قبل أن يرسل عليهم سيل العرم قرى ظاهرة يعني : متصلة على الطريق من حيث يرى بعضها من بعض { وَقَدَّرْنَا فِيهَا السير } للمبيت والمعيل من قرية إلى قرية { سِيرُواْ فِيهَا } يعني : ليسيروا فيها . اللفظ لفظ الأمر ، والمراد به الشرط والجزاء . فلم يشكروا ربهم ، فسألوا ربهم أن تكون القرى والمنازل بعضها أبعد من بعض .