قوله عز وجل : { وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مّن سلطان } يعني : لم يكن له عليهم ملك فيقهرهم . ويقال : يعني ما سلطناه عليهم إلا لنختبرهم من الذي يطيعنا . وقال الحسن البصري رحمه الله : والله ما ضربهم بعصا ، ولا أكرههم على شيء ، وما كان إلا غروراً وأماني دعاهم إليها فأجابوه . وقال قتادة : والله ما كان ظنه إلا ظناً ، فنزل الناس عند ظنه . وقال معمر : قال لي مقاتل : إن إبليس لما أنزل آدم عليه السلام ظن أن في ذريته من سيكون أضعف منه . فصدق عليهم ظنه . فإن قيل في آية أخرى : { إِنَّمَا سلطانه على الذين يَتَوَلَّوْنَهُ والذين هُم بِهِ مُشْرِكُونَ } [ النحل : 100 ] وهاهنا يقول : { وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مّن سلطان } قيل له : أراد بالسلطان هناك الحجة يعني : إنما حجته على الذين يتولونه . وهاهنا أراد به الملك والقهر يعني : لم يكن له عليهم ملك يقهرهم به . ويقال : معنى الآيتين واحد . لأن هناك قال : إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا . وهاهنا قال : { وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مّن سلطان } يعني : حجة على فريق من المؤمنين إلا بالتزيين والوسوسة منه .
{ إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يُؤْمِنُ بالآخرة مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا في شَكّ } يعني : نميز من يصدق بالبعث ممن هو في شك . يعني : من قيام الساعة . وقال القتبي : علم الله نوعان : أحدهما علم ما يكون من إيمان المؤمنين . وكفر الكافرين من قبل أن يكون . وهذا علم لا يجب به حجة ، ولا عقوبة ، والآخر علم الأمور الظاهرة . فيحق به القول ، ويقع بوقوعها الجزاء . يعني : ما سلطانه عليهم إلا لنعلم إيمان المؤمنين ظاهراً موجوداً ، وكفر الكافرين ظاهراً موجوداً . وكذلك قوله : { أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الجنة وَلَمَّا يَعْلَمِ الله الذين جاهدوا مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصابرين } [ آل عمران : 142 ] الآية .
ثم قال عز وجل : { وَرَبُّكَ عَلَى كُلّ شيء حَفُيظٌ } يعني : عالماً بالشك واليقين . ويقال : عالم بقولهم . ويقال : عالم بما يكون منهم قبل كونه . ويقال : { حفيظ } يحفظ أعمالهم ليجازيهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.