الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَجَعَلۡنَا بَيۡنَهُمۡ وَبَيۡنَ ٱلۡقُرَى ٱلَّتِي بَٰرَكۡنَا فِيهَا قُرٗى ظَٰهِرَةٗ وَقَدَّرۡنَا فِيهَا ٱلسَّيۡرَۖ سِيرُواْ فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا ءَامِنِينَ} (18)

{ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا } وهي الشام { قُرًى ظَاهِرَةً } أي متواصلة تظهر الثانية من الأُولى لقربها منها . قال الحسن : كان أحدهم يغدوا فيقيل في قرية ويروح فيأوي إلى أُخرى ، وكانت المرأة تخرج معها مغزلها وعلى رأسها مكتلها ثم تمتهن بمغزلها فلا تأتي بيتها حتى يمتلئ مكتلها من الثمار ، وكان ما بين اليمن والشام كذلك .

وقال ابن عباس : قرئ ظاهرة يعني : قرئ عربيّة بين المدينة والشام . سعيد بن جُبير : هي القرى التي ما بين مأرب والشام . مجاهد : هي السروات ، وهب بن منبه : هي قرى صنعاء .

{ وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ } أي جعلنا السير بين قراهم والقرى التي باركنا فيها سيراً مقدراً من منزل إلى منزل ، ومن قرية إلى قرية ، لا ينزلون إلاّ في قرية ، ولا يغدون إلاّ في قرية ، وقلنا لهم : { سِيرُواْ فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّاماً } وقت شئتم { آمِنِينَ } : لا تخافون عدوّاً ولا جوعاً ولا عطشاً ، ولا تحتاجون إلى زاد ولا ماء ، فبطروا وطغوا ولم يصبروا على العافية وقالوا : لو كان جَنْيُ جِنانِنا أبعد مما هي كان أجدر أن نشتهيه .