غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَجَعَلۡنَا بَيۡنَهُمۡ وَبَيۡنَ ٱلۡقُرَى ٱلَّتِي بَٰرَكۡنَا فِيهَا قُرٗى ظَٰهِرَةٗ وَقَدَّرۡنَا فِيهَا ٱلسَّيۡرَۖ سِيرُواْ فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا ءَامِنِينَ} (18)

1

وحين ذكر حال مسكنهم وجنتيهم وحكى تبديل الجنتين بما لا نفع فيه أراد أن يذكر حال خارج بلدهم وما يؤل إليه أمره فقال : { وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها } وهي قرى الشام { قرى ظاهرة } متواصلة يرى من كل منها ما يتلوها لتقاربها ، أو ظاهرة للسابلة لكونها على متن الطريق . { وقدرنا فيها السير سيروا } فيقيل الغادي في قرية ويبيت الرائح في أخرى ، فمنازل ما بين تلك القرى مقدّرة ومعلومة لا يجوزها المسافر عرفاً بخلاف المفاوز فإن السائر يسير فيها بقدر طاقته حتى يقطعها . ثم بين أمن تلك الطريق بقوله { سيروا } أي قلنا لهم سيروا إن شئتم بالليل وإن شئتم بالنهار . قال أهل البيان : لا قول ثمة ولكنهم مكنوا من السير بتهيئة أسبابه من وجدان الزاد والراحلة وعدم المخاوف والمضارّ فكأنهم أمروا بذلك . والمقصود من ذكر الليالي والأيام تقرير كمال الأمن ولذلك قدمت الليالي فإنها مظنة الآفات . ويمكن تقرير الأمن بوجه آخر وهو أن يقال : سيروا فيها وإن تطاولت مدّة سفركم فيها وامتدت أياماً وليالي ، أو يراد بالليالي والأيام مدّة أعمارهم أي سيروا فيها مدّة عمركم فإنكم لا تلقون إلا الأمن .

/خ21