ثم قال تعالى ذكره : { وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة } أي : ومما أنعم الله به على هؤلاء أي : جعل{[55911]} بينهم وبين القرى التي بارك فيها وهي الشام قرى ظاهرة ، قاله مجاهد وقتادة{[55912]} .
قال ابن عباس : هي الأرض المقدسة{[55913]} .
وقوله : { قرى ظاهرة }أي : متصلة متقاربة تتراءى من كان في قرية رأى القرية التي تليها لقربها منها .
قال الحسن : كان أحدهم يغدو فيقيل في قرية ويروح إلى قرية أخرى{[55914]} .
قال الحسن : كانت المرأة تضع زنبيلها{[55915]} على رأسها تشتغل بمغزلها فلا تأتي بيتها حتى يمتلئ من كل الثمار{[55916]} يرقد من غير أن تحترف شيئا ، بل يمتلئ الزنبيل مما يتساقط من الثمار في حال مسيرها تحت الثمار لاتصال بعض الثمار ببعض .
وقال ابن عباس : { قرى ظاهرة } أيك عربية بين المدينة والشام{[55917]} وهو قول الضحاك{[55918]} .
وقال ابن زيد : كان بين قريتهم وبين الشام قرى ظاهرة{[55919]} .
قيل : وإن كانت المرأة لتخرج ومعها مغزلها ومكتلها على رأسها تروح من قرية إلى قرية وتغدو أو تبيت في قرية لا تحمل زادا ولا ماء فيما بينها وبين الشام{[55920]} .
وقال المبرد : الظاهرة : المرتفعة{[55921]} .
ثم قال : { وقدرنا فيها السير } أي : جعلنا بين قراهم والقرى التي باركنا فيها مسيرا مقدرا من منزل إلى منزل ، لا ينزلون إلا في قرية ولا يغدون إلا من قرية .
وقال الفراء : جعل الله لهم بين كل قريتين نصف يوم{[55922]} .
ثم قال : { سيروا فيها ليالي وأياما آمنين } أي : سيروا في هذه القرى التي قدرنا فيها المسير إلى القرى التي باركنا فيها وهي بيت المقدس آمنين لا تخافون ظلما ولا جوعا ولا عطشا .
قال قتادة : آمنين لا يخافون ظلما ولا جوعا ، إنما يغدون فيقيلون في قرية ويروحون ، فيأتون قرية أهل خير ونهر ، حتى لقد ذكر لنا : أن المرأة كانت تضع مكتلها على رأسها وتمتهن بيدها فيمتلئ مكتلها من الثمرة قبل أن ترجع إلى أهلها من غير أن تحترف بيدها شيئا ، وكان الرجل يسافر لا يحمل معه زادا ولا سقاء مما بسط الله للقوم{[55923]} .
فهذا الذي ذكر من قصة سبأ وغيرها ، إنما ذكره لنا ليبين لنا إحسان المحسن وثوابه ، وإساءة المسيء وعقوبته/ ، ليتجافى الناس من المعاصي ويرغبوا في الطاعة ويسارعوا إلى ما رغبهم فيه ، ويزدجروا عن ما نهاهم عنه ويخافوا أن يحل بهم ما حل بمن قص عليهم عقوبته ، ويبادروا إلى فعل من قص عليهم كرامة لهم ، فهي مواعظ وأمثال تكرر في القرآن ليتنبه لها الغافل ويجتهد المتنبه إحسانا من الله تعالى ونعمة علينا ، قال الله تعالى : { ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل{[55924]} } وقال : { وضربنا لكم الأمثال }{[55925]} وهذا كثير مكرر للإفهام في القرآن .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.