النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَجَعَلۡنَا بَيۡنَهُمۡ وَبَيۡنَ ٱلۡقُرَى ٱلَّتِي بَٰرَكۡنَا فِيهَا قُرٗى ظَٰهِرَةٗ وَقَدَّرۡنَا فِيهَا ٱلسَّيۡرَۖ سِيرُواْ فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا ءَامِنِينَ} (18)

قوله عز وجل : { وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا } فيها قولان :

أحدهما : أنها بيت المقدس ، قاله ابن عباس .

الثاني : أنها الشام ، قاله مجاهد وقتادة .

{ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا } يعني بالشجر والثمر والماء . وقيل إنها كانت أربعة آلاف وسبعمائة قرية .

ويحتمل أن يكون التي باركنا فيها بكثرة العدد .

{ قُرىً ظَاهِرَةً } فيه أربعة أوجه :

أحدها : متصلة ينظر بعضهم إلى بعض ، قاله الحسن وأبو مالك .

الثاني : أنها العامرة .

الثالث : الكثيرة الماء .

الرابع : أن القرى الظاهرة هي القرى القريبة ، قاله سعيد بن جبير والضحاك .

وفيها ثلاثة أقاويل :

أحدها : أنها السروات ، قاله مجاهد .

الثاني : أنها قرى لصنعاء ، قاله ابن منبه .

الثالث : أنها قرى ما بين مأرب والشام ، قاله سعيد ابن جبير .

{ وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيرَ } فيها ثلاثة أقاويل :

أحدها : قدّرنا فيها المقيل والمبيت ، قاله الكلبي .

الثاني : أنهم كانوا يصبحون في قرية ويمسون{[2258]} في أخرى ، قاله الحسن .

الثالث : أنه قدر فيها السير بأن جعل ما بين القرية والقرية مقداراً واحداً ، قاله ابن قتيبة .

{ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ } فيه قولان :

أحدهما : من الجوع والظمأ ، قاله قتادة . حتى أن المرأة تمشي وعلى رأسها مكتل فيمتلئ من الثمر .

الثاني : آمنين من الخوف قاله يحيى بن سلام ، كانوا يسيرون مسيرة أربعة أشهر في أمان لا يحرك بعضهم بعضاً ، ولو لقي الرجل قاتل أبيه لم يحركه .


[2258]:في ك ويبيتون.