فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{۞وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمۡ صَٰلِحٗاۚ قَالَ يَٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥۖ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ وَٱسۡتَعۡمَرَكُمۡ فِيهَا فَٱسۡتَغۡفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوٓاْ إِلَيۡهِۚ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٞ مُّجِيبٞ} (61)

{ و } أرسلنا { إلى ثمود أخاهم صالحا } وهم سكان الحجر فقوم هود عاد الأولى وقوم صالح عاد الثانية كما قال المحلي في سورة النجم ، وقرأ الحسن ثمود بالتنوين في جميع المواضع ، واختلف سائر القراء فيه فصرفوه في موضع ولم يصرفوه في موضع فالصرف باعتبار التأويل بالحي والمنع بالقبيلة وهكذا سائر ما يصح فيه التأويلان وبين صالح وهود مائة سنة ، وعاش صالح مائتي سنة وثمانين سنة ومكانهم بين الشام والمدينة وتقدم في الأعراف بسط قصتهم وقصة الناقة بأكثر مما هنا .

والكلام فيه وفي قوله { قال يا قوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره } كما تقدم في قصة هود { هو أنشأكم من الأرض } أي ابتدأ خلقكم لأن كل بني آدم من صلب آدم وهو مخلوق منها فمن لابتداء الغاية ، وقيل هي بمعنى في { واستعمركم فيها } أي جعلكم عمارها وسكانها من قولهم أعمر فلان فلانا داره فهي له عمرى فيكون استفعل بمعنى أفعل مثل استجاب بمعنى أجاب والسين والتاء زائدتان . وقال الضحاك : معناه أطال عمركم وكانت أعمارهم ثلاثمائة إلى ألف سنة ، وقيل معناه أمركم بعمارتها من بناء المساكن وغرس الأشجار . وقال ابن زيد : استخلفكم فيها .

{ فاستغفروه } أي سلوه المغفرة لكم من عبادة الأصنام { ثم توبوا إليه } أي ارجعوا إلى عبادته { إن ربي قريب مجيب } أي قريب الإجابة لمن دعاه ، وقد تقدم القول فيه في البقرة عند قوله تعالى { فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان } .