فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{قَالُواْ تَٱللَّهِ تَفۡتَؤُاْ تَذۡكُرُ يُوسُفَ حَتَّىٰ تَكُونَ حَرَضًا أَوۡ تَكُونَ مِنَ ٱلۡهَٰلِكِينَ} (85)

{ قالوا تالله تفتؤ تذكر يوسف } أي لا تفتؤ فحذف النفي لعدم اللبس قال الفراء : أن لا مضمرة ، قال النحاس : والذي قاله صحيح وعن الخليل وسيبويه مثل قول الفراء قال الكسائي : فتأت وفتيت أفعل كذا أي مازلت وعن ابن عباس تفتأ أي لا تزال تذكر يوسف عليه السلام ولا تفتر عن حبه .

{ حتى تكون حرضا } أي دنفا من المرض ، قاله ابن عباس ، قال قتادة : هرما والحرض مصدر يستوي فيه الواحد والجمع والمذكر والمؤنث والصفة المشبهة حرض بكسر الراء كدنف ودنف ، وأصل الحرض الفساد في الجسم أو العقل من الحزن أو العشق أو الهرم ، حكى ذلك عن أبي عبيدة وغيره وقيل الحرض ما دون الموت ، وقيل الحارض البالي الدائر وقال الفراء : الحارض الفاسد الجسم والعقل وكذا الحرض .

وقال المؤرج : هو الذائب من الهم ، ويقال رجل محرض ، قال النحاس : وحكى أهل اللغة أحرضه الهم إذا أسقمه ورجل حارض أي أحمق وقال الأخفش الحارض الذاهب ، وقال ابن الأنباري : هو الهالك ، وفي المصباح حرض حرضا من باب تعب أشرف على الهلاك .

والأولى تفسير الحرض هنا بغير الموت والهلاك من هذه المعاني المذكورة لقوله : { أو تكون من الهالكين } أي من الميتين قاله مجاهد وغرضهم منع يعقوب من البكاء والحزن والأسف شفقة عليه وإن كانوا هم سبب أحزانه ومنشأ همومه وغمومه .