فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَإِذَا مَسَّكُمُ ٱلضُّرُّ فِي ٱلۡبَحۡرِ ضَلَّ مَن تَدۡعُونَ إِلَّآ إِيَّاهُۖ فَلَمَّا نَجَّىٰكُمۡ إِلَى ٱلۡبَرِّ أَعۡرَضۡتُمۡۚ وَكَانَ ٱلۡإِنسَٰنُ كَفُورًا} (67)

{ وَإِذَا مَسَّكُمُ الْضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الإِنْسَانُ كَفُورًا ( 67 ) }

{ وَإِذَا مَسَّكُمُ الْضُّرُّ } يعني خوف الغرق { فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ } من الآلهة وذهب عن خواطركم ولم يوجد لإغاثتكم ما كنتم تدعون من دونه من صنم أو جن أو ملك أو بشر أو حجر في حوادثكم { إِلاَّ إِيَّاهُ } وحده فإنكم تعقدون رجاءكم برحمته وإغاثته والاستثناء متصل إن كان المراد بمن جميع الآلهة ومنقطع إن كان المراد بها غيره تعالى .

ومعنى الآية أن الكفار إنما يعتقدون في أصنامهم وسائر معبوداتهم أنها نافعة لهم في غير هذه الحالة ، فأما في هذه الحالة فإن كل واحد منهم يعلم بالفطرة علما لا يقدر على مدافعته أن الأصنام ونحوها لا فعل لها .

{ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ } من الغرق وأوصلكم { إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ } عن الإخلاص لله وتوحيده ورجعتم إلى دعاء أصنامكم والاستغاثة بها { وَكَانَ الإِنْسَانُ كَفُورًا } أي كثير الكفران لنعمة الله وهو تعليل لقوله : { أعرضتم } والمعنى أنهم عند الشدائد يتمسكون برحمة الله وفي الرخاء يعرضون عنه وترك فيه خطابهم تلطفا بهم بحيث لم يقل وكنتم كفارا .