{ فانطلقا } بعد خروجهما من السفينة يمشيان { حتى إذا لقيا غلاما } قيل كان اسمه شمعون ، ذكره القرطبي ؛ ولفظ الغلام يتناول الشاب البالغ كما يتناول الصغير ، قيل كان الغلام يلعب مع الصبيان { فقتله } أي فاقتلع الخضر رأسه أو ذبحه بالسكين أو ضرب رأسه بالجدار أقوال ، وأتى هنا بالفاء العاطفة لأن القتل عقب اللقىّ وجواب إذا { قال } موسى { أقتلت نفسا زكية } هي البريئة من الذنوب ، الطاهرة .
قال أبو عمر : الزاكية التي لم تذنب ، والزكية التي أذنبت ثم تابت ، وقال الكسائي : الزاكية والزكية لغتان ، وقال الفراء : الزاكية والزكية مثل القاسية والقسية ، قال ابن عباس :زاكية مسلمة ، وقال سعيد ابن جبير :لم يبلغ الخطايا . وعن الحسن نحو { بغير } قتل { نفس } محرمة حتى يكون قتل هذه قصاصا { لقد جئت } أي فعلت { شيئا نكرا } أي فظيعا منكرا لا يعرف في الشرع ، قرئ بسكون الكاف وضمها وهما سبعيتان ، قيل معناه أنكر من الأمر الأول لكون القتل لا يمكن تداركه بخلاف نزع اللوح من السفينة فإنه يمكن تداركه بإرجاعه . وقيل النكر أقل من الإمر ، لأن قتل نفس واحدة أهون من إغراق أهل السفينة .
وعن قتادة قال : النكر أنكر من العجب ، قيل استبعد موسى أن يقتل نفسا بغير نفس ولم يتأول للخضر بأنه يحل القتل بأسباب أخر . عن أبي العالية عند ابن المنذر وابن أي حاتم قال : كان الخضر عبدا لا تراه الأعين إلا من أراد الله أن يريه إياه ، فلم يراه من القوم إلا موسى ، ولو رآه القوم لحالوا بينه وبين خرق السفينة وبين قتل الغلام .
وأقول ينبغي أن ينظر من أين له هذا ، فإن لم يكن مستنده إلا قوله " ولو رآه القوم الخ " فليس ذلك بموجب لما ذكره أما أولا فإن الجائز أن يفعل ذلك من غير أن يراه أهل السفينة وأهل الغلام لا لكونه لا تراه الأعين ، بل لكون فعل ذلك من غير اطلاعهم .
وأما ثانيا فيمكن أن أهل السفينة وأهل الغلام قد عرفوه ، ويدل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتقدم فعرفوا الخضر فحملوه بغير نول ، وعرفوا أنه لا يفعل ذلك إلا بأمر من الله كما يفعل الأنبياء فسلموا الأمر لله . وعن عطاء قال : كتب نجدة الحروري إلى ابن عباس يسأله عن قتل الصبيان فكتب إليه إن كنت الخضر تعرف الكافر من المؤمن فاقتلهم ، وفي لفظ ولكنك لا تعلم ، وقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن قتلهم فاعتزلهم .
وأخرج مسلم وأبو داوود والترمذي وغيرهم عن أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الغلام الذي قتله الخضر طبع يوم طبع كافرا ، ولو أدرك لأرهق بأبويه طغيانا وكفرا . {[1126]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.