فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{قَالُواْ لَن نَّبۡرَحَ عَلَيۡهِ عَٰكِفِينَ حَتَّىٰ يَرۡجِعَ إِلَيۡنَا مُوسَىٰ} (91)

{ قالوا لن نبرح عليه عاكفين } أجابوا هرون عن قوله المتقدم بهذا الجواب المتضمن لعصيانه وعدم قبول ما دعاهم إليه من الخير ، وحذرهم عنه من الشر ؛ أي لن نزال مقيمين على عبادة هذا العجل { حتى يرجع إلينا موسى } فينظر هل يقرنا على عبادته أو ينهانا عنها ؟ فجعلوا هذا غاية لعكوفهم لكن لا على طريق الوعد بل بطريق التعلل والتسويف فعند ذلك اعتزلهم هرون في اثني عشر ألفا من المنكرين لما فعله السامري .

أخرج الحاكم وصححه عن علي قال : لما تعجل موسى إلى ربه عمد السامري فجمع ما قدر عليه من حلي بني إسرائيل فضربه عجلا ، ثم ألقى القبضة في جوفه فإذا هو عجل جسد له خوار ، فقال لهم السامري : هذا إلهكم وإله موسى ، فقال لهم هارون : يا قوم ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا ؟ فلما أن رجع موسى أخذ برأس أخيه فقال له هارون ما قال ، فقال موسى للسامري ما خطبك ؟ قال قبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها ، وكذلك سولت لي نفسي ، فعمد موسى إلى العجل فوضع موسى عليه المبارد فبرده بها وهو على شط نهر ، فما شرب أحد من ذلك الماء ممن كان يعبد ذلك العجل إلا اصفر وجهه مثل الذهب ، فقالوا لموسى ما توبتنا ؟ قال يقتل بعضكم بعضا ، فأخذوا السكاكين فجعل الرجل يقتل أخاه وأباه وابنه ولا يبالي بمن قتل حتى قتل منهم سبعون ألفا ، فأوحى الله إلى موسى : مرهم فليرفعوا أيديهم فقد غفرت لمن قتل وتبت على من بقي ، والحكايات لهذه القصة كثيرة جدا .