فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحۡضُرُونِ} (98)

{ وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ ( 98 ) حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ ( 99 ) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ( 100 ) فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءلُونَ ( 101 ) فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ( 102 ) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ ( 103 ) تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ ( 104 ) أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ ( 105 ) } .

{ وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ } أمره الله سبحانه أن يتعوذ بالله من حضور الشياطين بعدما أمره أن يتعوذ من همزاتهم ؛ وأعيد كل من العامل والنداء مبالغة ولزيادة اعتناء بهذه الاستعاذة ، والمعنى وأعوذ بك أن يكونوا معي في حال من الأحوال فإنهم إذا حضروا الإنسان لم يكن عمل إلا الوسوسة ، والإغراء على الشر ، والصرف عن الخير ، وفي قراءة أبي " وقل رب عائذا بك " .

وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي والبيهقي ، عن عمرو ابن شعيب عن أبيه عن جده قال : كان رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا كلمات نقولهن عند النوم من الفزع : ( بسم الله أعوذ بكلمات الله تامة من غضبه وعقابه وشر عباده ، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون ) قال : فكان ابن عمرو يعلمها من بلغ من أولاده أن يقولها عند نومه ، ومن كان منهم صغيرا لا يغفل أن يحفظها كتبها له ، فعلقها في عنقه ) {[1265]} وفي إسناده محمد ابن إسحاق وفيه مقال معروف وأخرج أحمد عن الوليد بن الوليد أنه قال : يا رسول الله إني أجد وحشة قال : ( إذا أخذت مضجعك فقل أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه وشر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون ، فإنه لا يحضرك وبالحري لا يضرك ) {[1266]} .


[1265]:أبو داوود كتاب الطب 19 ـ الترمذي كتاب الدعوات 90.
[1266]:الإمام أحمد 2/161.