فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{مَا ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ مِن وَلَدٖ وَمَا كَانَ مَعَهُۥ مِنۡ إِلَٰهٍۚ إِذٗا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَٰهِۭ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعۡضُهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖۚ سُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ} (91)

ثم نفاهما عن نفسه فقال :

{ مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ } لأنه منزه عن النوع والجنس وولد الرجل من جنسه { وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ } شريك في الألوهية ، ومن في الموضعين زائدة لتوكيد النفي ، ثم بين سبحانه ما يستلزمه ما يدعيه الكفار من إثبات الشريك فقال : { إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ } وفي الكلام حذف أي لو كان مع الله آلهة أخرى لانفرد كل إله بخلقه واستبد به وامتاز ملكه عن ملك الآخر ، ووقع بينهم التطالب والتحارب والتغالب .

{ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ } أي ولغلب القوي على الضعيف وقهره وأخذ ملكه كعادة الملوك من بني آدم ، وحينئذ فذلك الضعيف المغلوب لا يستحق أن يكون إلها ، وإذا تقرر عدم إمكان المشاركة في ذلك وأنه لا يقوم به إلا واحد ، تعين أن يكون هذا الواحد هو الله سبحانه ، وهذا الدليل كما دل على نفي الشريك فإنه يدل على نفي الولد لأن الولد ينازع أباه في ملكه ، ثم نزّه سبحانه نفسه فقال :

{ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ } من الشريك والولد ، وإثبات ذلك لله عز وجل