فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{هُوَ ٱلَّذِي يُصَلِّي عَلَيۡكُمۡ وَمَلَـٰٓئِكَتُهُۥ لِيُخۡرِجَكُم مِّنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِۚ وَكَانَ بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ رَحِيمٗا} (43)

{ هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ } الصلاة من الله على العباد رحمة لهم وبركة عليهم ، ومن الملائكة الدعاء لهم والاستغفار كما قال : { ويستغفرون للذين آمنوا } قال مقاتل بن سليمان ومقاتل بن حيان : المعنى ويأمر ملائكته بالاستغفار لكم ، والجملة مستأنفة كالتعليل لما قبلها من الأمر بالذكر والتسبيح . وقيل : الصلاة من الله على العبد هي إشاعة الذكر الجميل في عباده ، وقيل الثناء عليه ، وعطف ملائكته على الضمير المستكن في يصلي لوقوع الفصل بقوله ( عليكم ) فأغنى ذلك عن التأكيد بالضمير المنفصل ، والمراد بالصلاة هنا معنى مجازي يعم صلاة الله بمعنى الرحمة ، وصلاة الملائكة بمعنى الدعاء ، لئلا يجمع بين حقيقة ومجاز في كلمة واحدة ، واللام في قوله :

{ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ } متعلق بيصلي ، أي يعتني بأموركم هو وملائكته ليخرجكم من ظلمات المعاصي إلى نور الطاعات ومن ظلمة الضلالة إلى نور الهداية ، ومعنى الآية تثبيت المؤمنين على الهداية ، ودوامهم عليها ؛ لأنهم كانوا وقت الخطاب على الهداية ، قال الحفناوي : جمع الأول لتعدد أنواع الكفر ، وأفرد الثاني لأن الإيمان شيء واحد لا تعدد فيه .

ثم أخبر سبحانه برحمته للمؤمنين تأنيسا لهم وتثبيتا فقال :

{ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا } وفي هذه الجملة تقرير لمضمون ما تقدمها .