فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{قُلۡ جَآءَ ٱلۡحَقُّ وَمَا يُبۡدِئُ ٱلۡبَٰطِلُ وَمَا يُعِيدُ} (49)

{ قُلْ جَاء الْحَقُّ } أي الإسلام والتوحيد ، وقال قتادة القرآن وقال النحاس التقدير صاحب الحق أي الكتاب الذي فيه البراهين والحجج ، وأقول لا وجه لتقدير المضاف فإن القرآن قد جاء كما جاء صاحبه .

{ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ } أي ذهب الباطل ذهابا لم يبق له إقبال ولا إدبار ولا إبداء ولا إعادة فجعل مثلا في الهلاك بالمرة والإبداء فعل الشيء ابتداء والإعادة فعله على طريق الإعادة ، ولما كان الإنسان ما دام حيا لا يخلوا عن ذلك كنى به عن حياته وبنفيه عن هلاكه ، ثم شاع ذلك في كل مذهب ، ولم يبق له أثر ، وإن لم يكن ذا روح فهو كناية أيضا أو مجاز متفرع على الكناية ، وقيل : يجوز أن تكون ما استفهامية أي : أي شيء يبدئه وأي شيء يعيده ، وعن قتادة قال : الشيطان لا يبدئ ولا يعيد إذا هلك ، وعنه قال : ما يخلق إبليس شيئا ابتداء ولا يبعثه وبه قال مقاتل والكلبي . وقيل : الباطل الأصنام والأول أولى .