فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَلَوۡلَآ أَن يَكُونَ ٱلنَّاسُ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ لَّجَعَلۡنَا لِمَن يَكۡفُرُ بِٱلرَّحۡمَٰنِ لِبُيُوتِهِمۡ سُقُفٗا مِّن فِضَّةٖ وَمَعَارِجَ عَلَيۡهَا يَظۡهَرُونَ} (33)

ثم بين سبحانه حقارة الدنيا عنده فقال : { وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ ( 33 ) } .

{ وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً } أي لولا أن يجتمعوا على الكفر ميلا إلى الدنيا وزخرفها أو يرغبوا فيه إذا رأوا الكفار في سعة وتنعم { لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فَضَّةٍ } جمع الضمير في بيوتهم وأفرده في { يكفر } باعتبار معنى من ولفظها ولبيوتهم بدل اشتمال من الموصول واللام للاختصاص ، والسقف جمع سقف قرأ الجمهور بضم السين والقاف كرهن ورهن ، قال أبو عبيدة ولا ثالث لهما ، وقال الفراء . هو جمع سقيف نحو كثيب وكثب ورغيف ورغف وقيل : هو جمع سقوف ، فيكون جمعا للجمع ، وقرئ بفتح السين وإسكان القاف على الإفراد ، ومعناه الجمع لكونه الجنس قال الحسن : معنى الآية لولا أن يكفر الناس جميعا بسبب ميلهم إلى الدنيا وتركهم الآخرة لأعطيناهم في الدنيا ما وصفناه لهوان الدنيا عندنا وقال بهذا أكثر المفسرين .

وقال ابن زيد لولا أن يكون الناس أمة واحدة في طلب الدنيا واختيارهم لها على الآخرة ، وقال الكسائي المعنى لولا أن يكون في الكفار غني وفقير وفي المسلمين مثل ذلك لأعطينا الكفار من الدنيا لهوانها .

{ وَمَعَارِجَ } كالدرج من فضة ، جمع معرج بفتح الميم وكسرها ، وسميت المصاعد من الدرج المعارج ، لأن المشي عليها مثل مشي الأعرج ومعاريج جمع معراج ، والمعراج السلم ، وهي لغة بعض تميم وهذا كمفاتح جمع مفتح ، ومفاتيح جمع مفتاح قال الأخفش إن شئت جعلت الواحدة معرج ومعرج مثل مرقا ومرقا والمعنى جعلنا لهم معارج من فضة .

{ عَلَيْهَا } أي على المعارج { يَظْهَرُونَ } يرتقون ويصعدون يقال : ظهرت على البيت أي علوت سطحه .