فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{يَوۡمَ لَا يُغۡنِي مَوۡلًى عَن مَّوۡلٗى شَيۡـٔٗا وَلَا هُمۡ يُنصَرُونَ} (41)

ثم وصف سبحانه ذلك اليوم فقال : { يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا } بدل من يوم الفصل أو منتصب بفعل يدل عليه الفصل ، أي يفصل بينهم يوم لا يغني ، والمعنى أنه لا ينفع قريب قريبا ، ولا يدفع عنه شيئا .

ويطلق المولى على الولي ، وهو القريب والناصر ، وفي المختار المولى المعتق والمعتق وابن العم والناصر والجار ، والحليف ، أي لا يدفع ابن عم عن ابن عمه ولا صديق عن صديقه شيئا ، ومولى الأول مرفوع بالفاعلية ، والثاني مجرور بعن ، وإعرابهما إعراب المقصور كفتى وعصا ورحى ، والمراد بالمولى الثاني الكافر ، وبالأول المؤمن ، أي لا يغني مولى مؤمن عن مولى كافر شيئا فهذه نظير قوله تعالى { واتّقُوا يوْمًا لا تجْزِي نفْسٌ عنْ نفْسٍ شيْئًا } الآية .

{ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ } الضمير راجع إلى المولى وإن كان مفردا في اللفظ ؛ لأنه في المعنى جمع نكرة في سياق النفي ، وهو من صيغ العموم ، أي ولا هم يمنعون من عذاب الله ، والجملة توكيد لما قبلها ، فالمعنى لا ينصر المؤمن الكافر ، ولو كان بينهما في الدنيا علقة من قرابة أو صداقة أو غيرهما ، كما أشار له القرطبي .