فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا نَٰجَيۡتُمُ ٱلرَّسُولَ فَقَدِّمُواْ بَيۡنَ يَدَيۡ نَجۡوَىٰكُمۡ صَدَقَةٗۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ لَّكُمۡ وَأَطۡهَرُۚ فَإِن لَّمۡ تَجِدُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٌ} (12)

{ يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول } ، المناجاة المساررة ، والمعنى : إذا أردتم مساررة الرسول في أمر من أموركم { فقدموا بين يدي نجواكم } أي مساررتكم له { صدقة } ، في هذا الأمر تعظيم لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وانتفاع الفقراء والنهي عن الإفراط في السؤال ، والميز بين المخلص والمنافق ومحب الدنيا والآخرة ، واختلف في أنه للندب أو للوجوب .

قال الحسن : نزلت بسبب أن قوما من المسلمين كانوا يستخلون النبي صلى الله عليه وسلم ، يناجونه فظن بهم قوم من المسلمين أنهم ينتقصونهم في النجوى ، فشق عليهم ذلك فأمرهم الله بالصدقة عند النجوى ليقطعهم عن استخلائه .

وقال زيد بن أسلم : نزلت بسبب أن المنافقين واليهود كانوا يناجون النبي صلى الله عليه وسلم ، ويقولون : إنه أذن يسمع كل ما قيل له ، وكان لا يمنع أحدا من مناجاته ، وكان ذلك يشق على المؤمنين ، لأن الشيطان كان يلقي في أنفسهم أنهم ناجوه بأن جموعا اجتمعت لقتاله ، فأنزل الله الآية الأولى فلم ينتهوا ، فأنزل الله هذه الآية فانتهى أهل الباطل ، لأنهم لم يقدموا بين يدي نجواهم صدقة ، وشق ذلك على أهل الإيمان ، وامتنعوا عن النجوى لضعف كثير منهم عن الصدقة ، فخفف الله عنهم بالآية التي بعد هذه .