{ وربك الغني } عن خلقه لا يحتاج إليهم ولا إلى عبادتهم لا ينفعه إيمانهم ولا يضره كفرهم ومع كونه غنيا عنهم فهو { ذو الرحمة } لا يكون غناؤه عنهم مانعا من رحمته لهم ، وما أحسن هذا الكلام الرباني وأبلغه وما أقوى الاقتران بين الغنى والرحمة في هذا المقام ، فإن الرحمة لهم مع الغني عنهم هي غاية التفضيل والتطول ، ومن جملة رحمته إرسال الرسل للخلق وإبقاؤهم بلا استئصال بالهلاك فهذا الوصف يناسب سابق الكلام ولا حقه .
{ إن يشأ يذهبكم } أيها العباد العصاة فيستأصلكم بالعذاب المفضي إلى الهلاك ، وقيل الخطاب لأهل مكة ففيه وعيد وتهديد لهم ، والعموم أولى ويدخل فيه أهل مكة دخولا أوليا { ويستخلف } أي ينشئ ويوجد { من بعدكم } أي بعد إهلاككم { ما يشاء } من خلقه ممن هم أطوع له وأسرع إلى امتثال أحكامه منكم { كما أنشأكم من ذرية قوم آخرين } أي من نسل قوم لم يكونوا على مثل صفتكم بل كانوا طائعين ، قيل هم أهل سفينة نوح وذريتهم من بعدهم من القرون إلى زمنكم .
قال الواحدي والزمخشري : ولكنه سبحانه لم يشأ ذلك فلم يهلكهم ولا استخلف غيرهم رحمة لهم ولطفا بهم ، وقال الرازي : المراد منه خلق ثالث أو رابع ، واختلفوا فيه فقيل خلقا آخر من أمثال الجن والإنس .
قال القاضي : وهو الوجه الأقرب فكأنه نبه أن قدرته ليست مقصورة على جنس دون جنس ، وقال الطبري : المعنى كما أحدثكم وابتدعكم من بعد خلق آخرين كانوا قبلكم ، { والذرية الأصل } والنسل قاله أبان ابن عثمان .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.