فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَقَالُواْ هَٰذِهِۦٓ أَنۡعَٰمٞ وَحَرۡثٌ حِجۡرٞ لَّا يَطۡعَمُهَآ إِلَّا مَن نَّشَآءُ بِزَعۡمِهِمۡ وَأَنۡعَٰمٌ حُرِّمَتۡ ظُهُورُهَا وَأَنۡعَٰمٞ لَّا يَذۡكُرُونَ ٱسۡمَ ٱللَّهِ عَلَيۡهَا ٱفۡتِرَآءً عَلَيۡهِۚ سَيَجۡزِيهِم بِمَا كَانُواْ يَفۡتَرُونَ} (138)

{ وقالوا هذه أنعام وحرث حجر } هذا بيان نوع آخر من جهالاتهم وضلالاتهم ، وهذه إشارة إلى ما جعلوه لآلهتهم ، والتأنيث باعتبار الخبر وهو قوله : { أنعام } فهو وحرث خبر عن اسم الإشارة ، والحجر بكسر أوله وسكون ثانيه ، وقرئ بضم الحاء والجيم وبفتح الحاء وإسكان الجيم ، وقرئ حرج بتقديم الراء على الجيم من الحرج وهو الضيق ، والحجر على اختلاف القراآت فيه هو مصدر بمعنى محجور كذبح وطحن بمعنى مذبوح ومطحون ، يستهوي فيه الواحد والكثير ، والمذكور والمؤنث وأصله المنع ، فمعنى الآية هذه أنعام وحرث ممنوعة يعنون أنها لأصنامهم ، قال مجاهد : يعني بالأنعام البحيرة والسائبة والوصيلة والحام ، قال ابن عباس : الحجر ما حرموا من الوصية وقال قتادة والسدي حجر أي حرام .

{ لا يطعمها إلا من نشاء } وهم خدام الأصنام والرجال دون النساء { بزعمهم } لا حجة لهم فيه فجعلوا نصيب الآلهة أقساما ثلاثة الأول ما ذكره بقوله حجر ، والثاني ما ذكره بقوله : { وأنعام حرمت ظهورها } أي البحيرة والسائبة والوصيلة والحام ، حموا ظهورها عن الركوب وقيل : إن هذا القسم أيضا مما جعلوه لآلهتهم { و } القسم الثالث { أنعام لا يذكرون اسم الله عليها } عند الذبح وهي ما ذبحوا لآلهتهم فإنهم يذبحونها باسم أصنامهم لا باسم الله وقيل : إن المراد لا يحجون عليها ولا يركبونها لفعل الخير .

{ افتراء عليه } أي اختلاقا وكذبا على الله سبحانه ، نصب على العلة والجار متعلق به والتقدير قالوا ما تقدم لأجل الافتراء على الباري ، وهو مذهب سيبويه ، وهذا أظهر ، وقال الزجاج : هو مصدر على غير المصدر لأن قوله المحكي عنهم افتراء فهو نظير قعد القرفصاء ، وقيل : إنه مصدر عامله من لفظه مقدر أي افتروا ذلك افتراء ، وقيل قالوا ذلك حال افترائهم وهي تشبه الحال المؤكدة .

{ سيجزيهم بما كانوا يفترون } أي بافترائهم أو بالذي يفترونه ، وفيه وعيد وتهديد لهم .