فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَمَا ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَآ إِلَّا لَعِبٞ وَلَهۡوٞۖ وَلَلدَّارُ ٱلۡأٓخِرَةُ خَيۡرٞ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ} (32)

{ وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو } أي وما متاع الدنيا على حذف مضاف أو ما الدنيا من حيث هي إلا باطل وغرور لا بقاء بها ، والقصد بالآية تكذيب الكفار في قولهم إن هي إلا حياتنا الدنيا واللعب معروف وكذلك اللهو ، وكل ما يشغلك فقد أهلك ، وقيل أصله الصرف عن الشيء ورد بأن اللهو بمعنى الصرف لامه ياء يقال لهيت عنه ولام اللهو واو يقال لهوت بكذا قال : ابن عباس يريد حياة أهل الشرك والنفاق ، وقيل هذا عام في حياة المؤمن والكافر .

وقيل : إن أمر الدنيا والعمل لها لعب ولهو فأما فعل الخير والعمل الصالح فهو من فعل الآخرة وإن كان وقوعه في الدنيا ، وقيل غير ذلك ، والأول أولى وقيل اللعب ما يشغل النفس عما تنتفع به ، واللهو صرفها عن الجد إلى الهزل .

{ وللدار الآخرة } يعني الجنة التي هي محل الحياة الأخرى ، وقرئ ولدار الآخرة بالإضافة وفيه تأويلات ذكرهما السمين ، واللام فيه لام القسم وسميت آخرة لتأخرها عن الدنيا أي هي { خير } من الحياة الدنيا لأن منافعها خالصة عن المضار ، ولذاتها غير متعقبة للآلام ، بل مستمرة على الدوام { للذين يتقون } الشرك واللعب واللهو أو المعاصي ، وفيه دليل على أن ما سوى أعمال المتقين لعب ولهو { أفلا تعقلون } أن الآخرة خير من الدنيا فتعملون لها .