فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{بَلۡ بَدَا لَهُم مَّا كَانُواْ يُخۡفُونَ مِن قَبۡلُۖ وَلَوۡ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنۡهُ وَإِنَّهُمۡ لَكَٰذِبُونَ} (28)

{ بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل } هذا إضراب عما يدل عليه التمني من الوعد بالإيمان والتصديق أي لم يكن ذلك التمني منهم عن صدق نية وخلوص اعتقاد ، بل هو بسبب آخر وهو أنه بدا لهم ما كانوا يجحدون من الشرك وعرفوا أنهم هالكون بشركهم فعدلوا إلى التمني والمواعيد الكاذبة ، وقيل ما كانوا يخفون من النفاق والكفر بشهادة جوارحهم عليهم .

وقيل ما كانوا يكتمون من أعمالهم القبيحة كما قال تعالى : { وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون } وقال المبرد : بدا لهم جزاء كفرهم الذي كانوا يخفونه وهو مثل القول الأول ، وقيل المعنى أنه ظهر للذين اتبعوا الغواة ما كانوا يخفونه عنهم من أمر البعث والقيامة .

{ ولو ردوا } إلى الدنيا حسبنا تمنوا { لعادوا لما نهوا عنه } من القبائح التي رأسها الشرك كما عاين إبليس ما عاين من آيات الله ثم عاند عن قتادة قال : لو وصل الله لهم دنيا كدنياهم التي كانوا فيها لعادوا إلى أعمالهم السوء التي كانوا نهوا عنها ، وقال ابن عباس : أخبر الله سبحانه أنهم لو ردوا لم يقدروا على الهدى أي ولو ردوا إلى الدنيا لحيل بينهم وبين الهدى كما حيل بينهم وبينه أول مرة وهم في الدنيا .

{ وإنهم لكاذبون } أي متصفون بهذه الصفة لا ينفكون عنها بحال من الأحوال ولو شاهدوا ما شاهدوا ، وقيل كاذبون فيما أخبروا به عن أنفسهم من الصدق والإيمان .