فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{۞وَأَوۡحَيۡنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰٓ أَنۡ أَلۡقِ عَصَاكَۖ فَإِذَا هِيَ تَلۡقَفُ مَا يَأۡفِكُونَ} (117)

{ وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون 117 فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون 118 فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين 119 } .

{ وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك } أمره سبحانه عند أن جاء السحرة بما جاءوا به من السحر على لسان جبريل أن يلقي عصاه ، وصريح السياق يقتضي أن إلقاء العصا وانقلابها حية وقع مرتين بحضرة فرعون ( الأولى ) كانت سببا في جمع السحرة ( والثانية ) بحضرتهم فالأولى ذكرت سابقا بقوله { فألقى عصاه } والثانية هي المذكورة هنا ووقع انقلابها حية أيضا مرة أخرى قبل هاتين المرتين ولم يكن هناك حاضرا أحد غير موسى وقد ذكرت هذه المرة في سورة طه في قوله { إذ رأى نارا } إلى قوله { ألقها يا موسى فألقاها فإذا هي حية تسعى } .

{ فإذا هي } أي العصا { تلقف } من لقف يلقف وقيل من تلقف يتلقف يقال لقفت الشيء وتلقفته إذا أخذته أو بلعته بسرعة . وقال أبو حاتم بلغني في بعض القراآت تلقم بالميم والتشديد { ما يأفكون } أصل الإفك قلب الشيء عن وجهه ، ومنه قيل للكذب أفاك لأنه يقلب الكلام عن وجهه الصحيح إلى الباطل ، أفك يأفك إفكا من باب ضرب وأفكته صرفته وكل أمر صرف عن وجهه فقد أفك ، وسماه إفكا لأنه لا حقيقة له في الواقع بل هو كذب وزور وتمويه وشعوذة .

قال ابن زيد : كان اجتماعهم بالإسكندرية فيقال بلغ ذنب الحية من رواء البحر ثم فتحت فاها ثمانين ذراعا فإذا هي تبتلع كل شيء أتوا به من السحر .