الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{۞وَأَوۡحَيۡنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰٓ أَنۡ أَلۡقِ عَصَاكَۖ فَإِذَا هِيَ تَلۡقَفُ مَا يَأۡفِكُونَ} (117)

قوله سبحانه : { وَأَوْحَيْنَا إلى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ }[ الأعراف :117 ] .

وروي أن موسى عليه السلام لَمَّا كان يَوْمُ الجمعِ ، خَرَجَ متَّكِئاً على عصاه ، ويُدُه في يَدِ أخيه ، وقد صُفَّ له السحرةُ في عَدَدٍ عظيم ، حَسْبما ذُكِر ، فلما { أَلْقَوْا } واسترهَبُوا ، أَوحَى اللَّه إِليه ، { أَنْ أَلْقِ } ، فألقى عصاه فإِذا هي ثعبانٌ مبينٌ ، فعَظُم حتَّى كان كالجَبَل .

وروي أن السحرة ، لَمَّا أَلْقَوْا ، وألقى موسَى ، جعلوا يَرْقَوْنَ ، وجَعَلَتْ حبالُهم تَعْظُمْ وجعلَتْ عصا موسى تَعْظُمُ حتى سدَّت الأُفُقَ ، وابتلعت الكُلَّ ، ورُوِي أن الثعبانَ استوفى تلك الحِبَالَ والعِصيَّ أَكْلاً ، وأعْدَمها اللَّه عزَّ وجلَّ ، ومَدَّ موسى يده إِلى فمه ، فعاد عصا كما كان ، فعلم السَّحَرَةُ حينئذٍ أنَّ ذلك ليس من عند البَشَر ، فَخَرُّوا سُجَّداً مؤمنين باللَّه ورسولِهِ ، و{ تَلْقَفُ } معناه : تبتلع وتَزْدَرِد ، وقرأ ابن جبير : «تَلْقُم » بالميم .