فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{أَوَعَجِبۡتُمۡ أَن جَآءَكُمۡ ذِكۡرٞ مِّن رَّبِّكُمۡ عَلَىٰ رَجُلٖ مِّنكُمۡ لِيُنذِرَكُمۡۚ وَٱذۡكُرُوٓاْ إِذۡ جَعَلَكُمۡ خُلَفَآءَ مِنۢ بَعۡدِ قَوۡمِ نُوحٖ وَزَادَكُمۡ فِي ٱلۡخَلۡقِ بَصۜۡطَةٗۖ فَٱذۡكُرُوٓاْ ءَالَآءَ ٱللَّهِ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ} (69)

{ أو عجبتم } من { أن جاءكم ذكر من ربكم على } لسان { رجل منكم لينذركم } بأس ربكم ويخوفكم عقابه ، وقد سبق تفسيره { واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح } أي جعلهم سكان الأرض التي كانوا فيها أذكرهم الله نعمة من نعمه عليه أو جعلهم ملوكا . جعل الذكر للوقت والمراد ما كان فيه من الاستخفاف على الأرض لقصد المبالغة ، لأن الشيء إذا كان وقته مستحقا للذكر فهو مستحق له بالأولى .

{ وزادكم في الخلق بسطة } أي طولا في الخلق وعظم جسم وقوة زيادة على ما كان عليه آباؤهم في الأبدان وقيل بسطة أي شدة قاله ابن عباس ، وعن أبي هريرة قال : كان الرجل من قوم عاد ليتخذ المصراع من الحجارة لو اجتمع خمسمائة من هذه الأمة لم يستطيعوا أن يلقوه ، وإن كان أحدهم ليدخل قدمه في الأرض فتدخل فيها .

قال السدي والكلبي : كانت قامة الطويل منهم مائة ذراع ، وقامة القصير ستين ، وقيل سبعين ذراعا وقد ورد عن السلف حكايات عن عظم أجرام قوم عاد وفيها كما تقدم .

{ فاذكروا آلاء الله } أي نعمه عليكم جمع إلى بكسر الهمزة وسكون اللام كحمل وأحمال أو إلى بضم الهمزة وسكون اللام كقفل وأقفال ، أو إلى بكسر الهمزة وفتح اللام كضلع وأضلاع وعنب وأعناب أو إلى بفتحها كقفا وأقفاء ومن جملتها نعمة الاستخلاف في الأرض والبسطة في الخلق وغير ذلك مما أنعم به عليهم ، وكرر التذكير لزيادة التقرير { لعلكم تفلحون } إن تذكرتم ذلك لأن الذكر للنعمة سبب باعث على شكرها ومن شكر فقد أفلح .