{ يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم } هذا كلام يتضمن ذكر نوع آخر من أنواع ضلالهم وبعدهم عن الحق ، وهو ما راموه من إبطال الحق بأقاويلهم الباطلة التي هي مجرد كلمات ساذجة ومجادلات زائفة ، وهذا تمثيل لحالهم في محاولة إبطال دين الحق ونبوة نبي الصدق بحال من يريد أن ينفخ في نور عظيم قد أنارت به الدنيا وانقشعت به الظلمة يطفئه ويذهب أضواءه ، قيل المراد بالنور شرائعه وبراهينه ، وسميت الدلائل نورا لأنه يهتدى بها إلى الصواب كما يهتدى بالنور إلى المحسوسات .
وقيل المراد به الدلائل الدالة على صحة نبوته صلى الله عليه وآله وسلم وهي أمور :
أحدها : المعجزات الباهرات الخارقة للعادات .
وثانيها : القرآن العظيم وهو معجزة له باقية على الأبد .
وثالثها : أن دينه الذي أمر به هو دين الإسلام ليس فيه شيء سوى تعظيم الله والثناء عليه والانقياد لأمره ونهيه والتبري من كل معبود سواه : فهذه أمور نيرة ودلائل واضحة في صحة نبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم وعلى صدقه ، فمن أراد إبطال ذلك بكذب وتزوير فقد خاب سعيه وبطل عمله .
{ ويأبى الله إلا أن يتم نوره } أي دينه القويم بإعلاء كلمته ، قال في الكشاف أن أبى قد أجري مجرى لم يرد أي ولا يريد إلا أن يتم نوره ، وقال علي بن سليمان : إنما جاز هذا في أبى لأنها منع أو امتناع فضارعت النفي . قال النحاس : وهذا أحسن وقال الزجاج : التقدير ويأبى الله كل شيء إلا أن يتم ، وقال الفراء : إنما دخلت ( إلا ) لأن في الكلام طرفا من الجحد ، وإنما صح الاستثناء المفرغ من الموجب لكونه بمعنى النفي ، وفيه من المبالغة والدلالة على الامتناع ما ليس في نفي الإرادة ، أي لا يريد شيئا من الأشياء إلا إتمام نوره ، فيندرج في المستثنى منه بقاؤه على ما كان عليه فضلا عن الإطفاء . قاله الكرخي .
{ ولو كره الكافرون } أي أبى الله إلا أن يتم نوره ويعلي دينه ويظهر كلمته ويتم الحق الذي بعث الله به رسوله ولو كره ذلك الكافرون ، وجواب لو محذوف لدلالة ما قبله عليه ، والتقدير ولو كره الكافرون تمام نوره لأتمه ولم يبال بكراهتهم وقيل لو يكرهوه أو كرهوه أي على كل حال مفروضة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.