ثم لما توعد من لم ينفر مع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وضرب له من الأمثال ما ذكره ، عقبه بالأمر بالجزم فقال : { انفروا } حال كونكم { خفافا وثقالا } أي على الصفة التي يخف عليكم الجهاد فيها وعلى الصفة التي يثقل عليكم الجهاد فيها وهذان الوصفان يدخل تحتهما أقسام كثيرة فلهذا اختلفت عبارات المفسرين فيهما فقيل المراد منفردين أو مجتمعين ، وقيل نشاطا وغير نشاط ، وقيل فقراء وأغنياء وقيل شبابا وشيوخا ، ركبانا ومشاة رجالا وفرسانا ، وقيل من سبق إلى الحرب كالطلائع ومن يتأخر كالجيش .
وقيل أهل الميسرة وأهل العسرة ، وقيل مقلين من السلاح ومستكثرين منه وقيل مشاغيل وغير مشاغيل ، وقيل أصحاء ومرضى وقيل عزابا ومتأهلين ، وقيل خفافا من الحاشية والأتباع وثقالا مستكثرين منهم ، وقيل مسرعين في الخروج إلى الغزو ساعة سماع النفير وبعد التروي فيه والاستعداد له ، وقيل غير ذلك .
ولا مانع من حمل الآية على جميع هذه المعاني ، لأن معنى الآية انفروا خفت عليكم الحركة أو ثقلت ، فالأولى أن هذا عام لكل الأحوال فيهما ، والأمر محمول على الوجوب .
قال السدي : وهذه الآية منسوخة بقوله تعالى : { ليس على الضعفاء ولا على المرضى } وقيل الناسخ لها قوله : { فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة } الآية . قاله ابن عباس .
وقيل الأمر محمول على الندب وهي محكمة وليست بمنسوخة ، ويكون إخراج الأعمى والأعرج بقوله : { ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج } وإخراج الضعيف والمريض بقوله : { ليس على الضعفاء ولا على المرضى } من باب التخصيص لا من باب النسخ على فرض دخول هؤلاء تحت قوله : { خفافا وثقالا } والظاهر عدم دخولهم تحت العموم ، ويدل عليه أن هذه الآية نزلت في غزوة تبوك وأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم خلف في المدينة في تلك الغزوة النساء وبعض الرجال فذلك دل على أن الجهاد من فروض الكفايات ليس على الأعيان .
{ وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله } فيه الأمر بالجهاد بالأنفس والأموال وإيجابه على العباد ، فالفقراء يجاهدون بأنفسهم ، والأغنياء بأموالهم وأنفسهم ، والجهاد من أكبر الفرائض وأعظمها ، وهو فرض كفاية مهما كان البعض يقوم بجهاد العدو ويدفعه ، فإن كان لا يقوم بالعدو إلا جميع المسلمين في قطر من الأرض أو أقطار وجب عليهم ذلك وجوب عين .
{ ذلكم } أي ما تقدم من الأمر بالنفير والأمر بالجهاد { خير لكم } عظيم في نفسه وخير من السكون والدعة { إن كنتم تعلمون } ذلك وتعرفون الأشياء الفاضلة وتميزونها عن المفضولة فافعلوه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.