الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{قَالَ هَٰذَا رَحۡمَةٞ مِّن رَّبِّيۖ فَإِذَا جَآءَ وَعۡدُ رَبِّي جَعَلَهُۥ دَكَّآءَۖ وَكَانَ وَعۡدُ رَبِّي حَقّٗا} (98)

وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله : { فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء } قال : جعله طريقاً كما كان .

وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : { فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء } قال : لا أدري الجبلين يعني به أم ما بينهما .

وأخرج سعيد بن منصور عن الربيع بن خيثم ، أنه كان يقرأ { جعله دكاء } ممدوداً .

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : قال علي بن أبي طالب ، إن يأجوج ومأجوج خلف السد ، لا يموت الرجل منهم حتى يولد له ألف لصلبه ، وهم يغدون كل يوم على السد فيلحسونه وقد جعلوه مثل قشر البيض ، فيقولون : نرجع غداً ونفتحه ، فيصبحون وقد عاد إلى ما كان عليه قبل أن يلحس ، فلا يزالون كذلك حتى يولد فيهم مولود مسلم ، فإذا غدوا يلحسون قال لهم : قولوا بسم الله ، فإذا قالوا بسم الله فأرادوا أن يرجعوا حين يمسون ، فيقولون : نرجع غداً فنفتحه . فيصبحون وقد عاد إلى ما كان عليه فيقول : قولوا إن شاء الله . فيقولون : إن شاء الله . فيصبحون وهو مثل قشر البيض فينقبونه فيخرجون منه على الناس ، فيخرج أول من يخرج منهم سبعون ألفاً عليهم التيجان ، ثم يخرجون من بعد ذلك أفواجاً فيأتون على النهر مثل نهركم هذا - يعني الفرات - فيشربونه حتى لا يبقى منه شيء ، ثم يجيء الفوج منهم حتى ينتهوا إليه فيقولون : لقد كان ههنا ماء مرة ، وذلك قول الله : { فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء } والدكّ ، التراب { وكان وعد ربي حقاً } .

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن كعب قال : إن يأجوج ومأجوج ينقرون السد بمناقرهم ، حتى إذا كادوا أن يخرقوه قالوا : نرجع إليه غداً فنفرغ منه ، فيرجعون إليه وقد عاد كما كان ، فيرجعون فهم كذلك ، وإذا بلغ الأمر ألقي على بعض ألسنتهم يقولون : نأتي إن شاء الله غداً ، فنفرغ منه فيأتونه وهو كما هو فيخرقونه فيخرجون ، فيأتي أولهم على البحيرة فيشربون ما كان فيها من ماء ، ويأتي أوسطهم عليها فيلحسون ما كان فيها من الطين ، ويأتي آخرهم عليها فيقولون : قد كان ههنا مرة ماء . فيرمون بسهامهم نحو السماء فترجع مخضبة بالدماء فيقولون : قهرنا من في الأرض وظهرنا على من في السماء ، فيدعو عليهم عيسى ابن مريم فيقول :

اللهم لا طاقة لنا بهم ولا يد ، فاكفناهم بما شئت . فيبعث الله عليهم دوداً يقال له النغف ، فيأخذهم في أقفائهم فيقتلهم حتى تنتن الأرض من ريحهم ، ثم يبعث الله عليهم طيراً فتنقل أبدانهم إلى البحر ، ويرسل الله إليهم السماء أربعين يوماً فينبت الأرض ، حتى أن الرمانة لتشبع أهل البيت .

وأخرج ابن المنذر عن كعب قال : عرض أسكفة يأجوج ومأجوج التي تفتح لهم أربعة وعشرون ذراعاً تحفيها حوافر خيلهم ، والعليا اثنا عشر ذراعاً تحفيها أسنة رماحهم .

وأخرج ابن المنذر عن عبد الله بن عمرو قال : إذا خرج يأجوج ومأجوج ، كان عيسى ابن مريم في ثلثمائة من المسلمين في قصر بالشام ، يشتد عليهم أمرهم فيدعون الله أن يهلكهم فيسلط عليهم النغف فتنتن الأرض منهم ، فيدعون الله أن يطهر الأرض منهم فيرسل الله مطراً فيسيل منهم إلى البحر ، ثم يخصب الناس حتى أن العنقود يشبع منه أهل البيت .

وأخرج ابن جرير والحاكم وصححه ، عن عبد الله بن عمرو قال : يأجوج ومأجوج يمر أولهم بنهر مثل دجلة ، ويمر آخرهم فيقول : قد كان في هذا النهر مرة ماء ، ولا يموت رجل إلا ترك ألفاً من ذريته فصاعداً ، ومن بعدهم ثلاثة أمم ما يعلم عدتهم إلا الله : تاريس وتاويل وناسك أو منسك .

وأخرج أبو يعلى والحاكم وصححه وابن عساكر ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في السد قال : «يحفرونه كل يوم حتى إذا كادوا يخرقونه قال الذي عليهم : ارجعوا . . . فستخرقونه غداً . قال : فيعيده الله كأشد ما كان حتى إذا بلغوا مدتهم وأراد الله ، قال الذي عليهم : ارجعوا فستخرقونه غداً إن شاء الله - واستثنى - فيرجعون وهو كهيئته حين تركوه فيخرقونه ويخرجون على الناس فيسقون المياه ، وينفر الناس منهم فيرمون سهامهم في السماء فترجع مخضبة بالدماء فيقولون : قهرنا أهل الأرض وغلبنا في السماء قسوة وعلوّاً ، فيبعث الله عليهم نغفاً في أقفائهم فيهلكهم .

قال : والذي نفسي بيده ، إن دواب الأرض لتسمن وتبطر وتشكر شكراً من لحومهم » .

وأخرج الحاكم وصححه عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أنا أعلم بما مع الدجال منه ، معه نهران أحدهما نار تأجج في عين من رآه ، والآخر ماء أبيض فإن أدركه أحد منكم فليغمض ويشرب من الذي يراه ناراً فإنه ماء بارد ، وإياكم والآخر فإنه الفتنة ، واعلموا أنه مكتوب بين عينيه «كافر » يقرؤه من يكتب ومن لا يكتب ، وإن إحدى عينيه ممسوحة عليها ظفرة ، إنه يطلع من آخر أمره على بطن الأردن على ثنية أفيق ، وكل أحد يؤمن بالله واليوم الآخر ببطن الأردن ، وأنه يقتل من المسلمين ثلثا ويهزم ثلثا ويبقى ثلث ويجن عليهم الليل فيقول بعض المؤمنين لبعض : ما تنتظرون أن تلحقوا إخوانكم في مرضاة ربكم ؟ من كان عنده فضل طعام فليغدُ به على أخيه ، وصلّوا حتى ينفجر الفجر ، وعجلوا الصلاة ، ثم أقبلوا على عدوكم .

فلما قاموا يصلون ، نزل عيسى ابن مريم أمامهم فصلى بهم ، فلما انصرف قال : هكذا فرّجوا بيني وبين عدو الله فيذوب ، وسلط الله عليهم من المسلمين فيقتلونهم ، حتى أن الشجر والحجر لينادي : يا عبد الله ، يا عبد الرحمن . . . يا مسلم ، هذا يهودي فاقتله . فيقتلهم الله ويُنْصر المسلمون فيكسرون الصليب ويقتلون الخنزير ويضعون الجزية ، فبينما هم كذلك أخرج الله يأجوج ومأجوج ، فيشرب أولهم البحيرة ويجيء آخرهم وقد انتشفوه ولم يدعوا فيه قطرة فيقولون : ظهرنا على أعدائنا ، قد كان ههنا أثر ماء . فيجيء نبي الله وأصحابه وراءه حتى يدخلوا مدينة من مدائن فلسطين يقال لها«لد » فيقولون : ظهرنا على من في الأرض ، فتعالوا نقاتل من في السماء ، فيدعو الله نبيه عند ذلك فيبعث الله عليهم قرحة في حلوقهم فلا يبقى منهم بشر ، فيؤذي ريحهم المسلمين فيدعو عيسى ، فيرسل الله عليهم ريحاً فتقذفهم في البحر أجمعين » .

وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي الزاهرية قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «مقفل المسلمين من الملاحم دمشق ، ومقفلهم من الدجال بيت المقدس ، ومقفلهم من يأجوج ومأجوج بيت الطور على الناس » .