الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَإِذۡ قُلۡنَا لِلۡمَلَـٰٓئِكَةِ ٱسۡجُدُواْ لِأٓدَمَ فَسَجَدُوٓاْ إِلَّآ إِبۡلِيسَ كَانَ مِنَ ٱلۡجِنِّ فَفَسَقَ عَنۡ أَمۡرِ رَبِّهِۦٓۗ أَفَتَتَّخِذُونَهُۥ وَذُرِّيَّتَهُۥٓ أَوۡلِيَآءَ مِن دُونِي وَهُمۡ لَكُمۡ عَدُوُّۢۚ بِئۡسَ لِلظَّـٰلِمِينَ بَدَلٗا} (50)

أخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي في شعب الإيمان ، عن ابن عباس قال : إن من الملائكة قبيلة يقال لهم الجن ، فكان إبليس منهم ، وكان يوسوس ما بين السماء والأرض ، فعصى فسخط الله عليه ، فمسخه الله شيطاناً رجيماً .

وأخرج ابن جرير ، عن ابن عباس في قوله : { إلا إبليس كان من الجن } قال : كان خازن الجنان فسمي بالجن .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة ، عن الضحاك قال : اختلف ابن عباس وابن مسعود في إبليس فقال أحدهما : كان من سبط من الملائكة يقال لهم الجن .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر ، عن ابن عباس قال : إن إبليس كان من أشرف الملائكة وأكرمهم قبيلة وكان خازناً على الجنان ، وكان له سلطان السماء الدنيا ، وكان له مجمع البحرين ، بحر الروم وفارس ، أحدهما قبل المشرق ، والآخر قبل المغرب ، وسلطان الأرض ، وكان مما سولت نفسه مع قضاء الله ، أنه يرى أن له بذلك عظمة وشرفاً على أهل السماء ، فوقع في نفسه من ذلك كبر لم يعلم ذلك أحد إلا الله ، فلما كان عند السجود لآدم حين أمره الله أن يسجد لآدم ، استخرج الله كبره عند السجود ، فلعنه إلى يوم القيامة { وكان من الجن } قال ابن عباس : إنما سمي بالجنان ، لأنه كان خازناً عليها .

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن قتادة في قوله : { إلا إبليس كان من الجن } قال : كان من قبيل من الملائكة يقال لهم الجن ، وكان ابن عباس يقول : لو لم يكن من الملائكة ، لم يؤمر بالسجود ، وكان على خزانة السماء الدنيا .

وأخرج ابن جرير وابن الأنباري في كتاب الأضداد وأبو الشيخ في العظمة ، عن الحسن قال : ما كان إبليس من الملائكة طرفة عين ، وإنه لأصل الجن ، كما أن آدم أصل الإنس .

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن الحسن قال : قاتل الله أقواماً يزعمون أن إبليس كان من ملائكة الله ، والله تعالى يقول : { كان من الجن } .

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة ، عن سعيد بن جبير في قوله : { كان من الجن } قال : من خزنة الجنان .

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن الأنباري في الأضداد من وجه آخر ، عن سعيد بن جبير في قوله : { كان من الجن } قال : هم حي من الملائكة لم يزالوا يصوغون حلي أهل الجنة حتى تقوم الساعة .

وأخرج البيهقي في الشعب ، عن سعيد بن جبير في قوله : { كان من الجن } قال : من الجنانين الذين يعملون في الجنة .

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة ، عن ابن شهاب في قوله : { إلا إبليس كان من الجن } قال : إبليس أبو الجن ، كما أن آدم أبو الإنس ، وآدم من الإنس وهو أبوهم .

وإبليس من الجن وهو أبوهم ، وقد تبين للناس ذلك حين قال الله : { أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني } .

وأخرج ابن أبي حاتم ، عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه قال : كان إبليس رئيساً من الملائكة في سماء الدنيا .

وأخرج ابن جرير ، عن سعيد بن منصور قال : كانت الملائكة تقاتل الجن ، فسبي إبليس ، وكان صغيراً فكان مع الملائكة فتعبد معها .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم ، عن شهر بن حوشب قال : كان إبليس من الجن الذين طردتهم الملائكة ، فأسره بعض الملائكة فذهب به إلى السماء .

وأخرج أبو الشيخ في العظمة ، عن قتادة في قوله : { إلا إبليس كان من الجن } قال : أجن من طاعة الله .

وأخرج أبو الشيخ ، عن سعيد بن جبير قال : لما لعن إبليس تغيرت صورته عن صورة الملائكة ، فجزع لذلك فرن رنة ، فكل رنة في الدنيا إلى يوم القيامة من رنته .

وأخرج أبو الشيخ ، عن نوف قال كان إبليس رئيس سماء الدنيا .

وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن مجاهد في قوله : { ففسق عن أمر ربه } قال : في السجود لآدم .

وأخرج ابن المنذر ، عن الشعبي أنه سئل عن إبليس هل له زوجة ؟ فقال : إن ذلك العرس ما سمعت به .

وأخرج ابن أبي الدنيا في مكايد الشيطان وابن أبي حاتم ، عن مجاهد في قوله : { أفتتخذونه وذريته } قال : ولد إبليس خمسة : ثبر والأعور وزلنبور ومسوط وداسم ، فمسوط صاحب الصخب ، والأعور وداسم لا أدري ما يفعلان ، والثبر صاحب المصائب ، وزلنبور الذي يفرق بين الناس ، ويبصر الرجل عيوب أهله .

وأخرج ابن أبي الدنيا وأبو الشيخ ، عن مجاهد في قوله : { أفتتخذونه وذريته } قال : باض إبليس خمس بيضات : زلنبور وداسم وثبر ومسوط والأعور ، فأما الأعور ، فصاحب الزنا ، وأما ثبر فصاحب المصائب ، وأما مسوط فصاحب أخبار الكذب ، يلقيها على أفواه الناس ولا يجدون لها أصلاً ، وأما داسم فهو صاحب البيوت إذا دخل بيته ولم يسلم دخل معه ، وإذا أكل أكل معه ويريه من متاع البيت ما لا يحصى موضعه ، وأما زلنبور فهو صاحب الأسواق ويضع رأسه في كل سوق بين السماء والأرض .

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، عن قتادة في قوله : { أفتتخذونه وذريته } قال : هم أولاده يتوالدون كما يتوالد بنو آدم وهم أكثر عدداً .

وأخرج ابن أبي حاتم ، عن سفيان قال : باض إبليس خمس بيضات : وذريته من ذلك . قال : وبلغني أنه يجتمع على مؤمن واحد أكثر من ربيعة ومضر .

وأخرج ابن أبي حاتم ، عن قتادة في قوله : { بئس للظالمين بدلاً } قال بئسما استبدلوا بعبادة ربهم إذ أطاعوا إبليس لعنه الله تعالى .